قال أبو عبيدة: ومثله (فأتبعوهم مشرقين) قال النحاس وهذا من الفرق وإن كان الأصمعي قد حكاه فلا يقبل إلا بعلم أو دليل، وقوله عز وجل (فأتبعوهم مشرقين) ليس في الحديث أنهم لحقوهم، وإنما في الحديث لما خرج موسى وأصحابه من البحر وحصل فرعون وأصحابه في البحر انطبق عليهم البحر.
والحق في هذا أن تبع واتبع وأتبع لغات، بمعنى واحد وهو بمعنى السير
(حتى إذا بلغ مغرب الشمس) أي نهاية الأرض من جهة المغرب وآخر العمارة منها لأن من وراء هذه النهاية البحر المحيط وهو لا يمكن المضي فيه فلما لم يبق قدامه شط بل مياه لا آخر لها (وجدها) أي رأى الشمس (تغرب في عين حمئة) أي كثيرة الحمأة وهي الطينة السوداء يقال حمأت البئر حمأً بالتسكين إذا نزعت حمأتها وحمأت البئر حمأً بالتحريك كثرت حمأتها وقرئ حامية من الحمأة أي حارة وقد يجمع بين القراءتين فيقال كانت حارة وذات حمئة.
قال كعب: أما أنا فإني أجد في التوراة تغرب الشمس في ماء وطين، وأشار بيده إلى المغرب وأنشد ابن أبي حاصر:
فرأى مغيب الشمس عند غروبها | في عين ذي خلب وثاط حرمد |
قيل ولعل ذا القرنين لما بلغ ساحل البحر المحيط رآها كذلك في نظره إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء. ولذلك قال (وجدها تغرب) ولم يقل كانت تغرب، قاله البيضاوي، يعني على العادة من أن الشخص إذا كان في البحر