أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم وأن هذه الأصنام بعينها صارت إلى قبائل العرب، ذكرها ابن عباس - رضي الله عنهما - قبيلة قبيلة١.

١ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٢٩). وقد أخرج الإمام البخاري ما أشار إليه المؤلف هنا عن ابن عباس، في حديث ساقه بإسناده برقم (٤٩٢٠) في كتابه الصحيح. وذكر ابن حجر في الفتح (٨/٦٦٧) شيئاً من النقد للسند الذي ساق به الرواية الإمام البخاري؛ إلا أنه في آخر كلامه دافع عن الإمام البخاري وبيّن أن الصواب معه فيما فعل. وانظر أيضاً حول ما أشار إليه المؤلف تفسير القرآن لعبد الرزاق (٢/٣٢٠)، والسيرة النبوية لابن هشام (١/٩٦-٩٨)، وجامع البيان (٢٣/٦٣٩، ٦٤٠)، ومعاني القرآن وإعرابه (٥/٢٣٠، ٢٣١).

سورة الجن
قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ ٢ قالوا: كان الإنسي إذا نزل بالوادي يقول: أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه، فيبيت في أمن وجوار حتى يصبح. ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ يعني الإنسَ للجن، باستعاذتهم بهم، رهقاً أي: إثماً وطغياناً وجراءة وشراً؛ وذلك أنهم قالوا: قد سُدْنا الجن، والإنس. فالجن تعاظم في أنفسها وتزداد كفراً إذا عاملتها الإنس بهذه المعاملة٣.
٢ سورة الجن، الآية: ٦.
٣ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٧٦٥، ٧٦٦). وتفسير المؤلف هذا بناه على أن ضمير الفاعل في ﴿زادوهم﴾ يرجع إلى الإنس. وقد قيل: إنه يرجع إلى الجن، أي: فزاد الجنُّ الإنسَ خوفاً وكفراً إلى كفرهم. والزجاج في معاني القرآن (٥/٢٣٤) جوّز الوجهين. ونقل ابن جرير ـ في جامع البيان (٢٣/٦٥٥، ٦٥٦) ـ الوجهين، ثم رجح القول الذي ذهب إليه المؤلف. وعلى هذا القول اقتصر أبو الليث في بحر العلوم (٣/٤١١)، والواحدي في الوسيط (٤/٣٦٤، ٣٦٥)، والبغوي في معالم التنزيل (٤/٤٠٢).


الصفحة التالية
Icon