العربية؛ وفصلناه وسهلناه والباء بمعنى على والفاء لتعليل كلام يساق فإليه النظم الكريم كأنه قيل بلغ هذا المنزل أو بشر به وأنذر به فإنما يسرناه، الآية، ثم علل ما ذكره من التيسير فقال: (لتبشر به المتقين) أي المتلبسين بالتقوى المتصفين بها (وتنذر به قوماً لدّاً) ولو أنزلناه بغيرها لم يتيسر التبشير ولا الإنذار لعدم فهم المخاطبين لغير العربية، واللُّدّ جمع الألد وهو الشديد الخصومة، ومنه قوله تعالى (ألد الخصام) وقال أبو عبيدة: الألد الذي لا يقبل الحق، ويدعي الباطل، وقيل اللُّدُّ الصُّمُّ وقيل الظَّلَمَة، وقال ابن عباس: لُدَّاً فجاراً، وعن الحسن قال: صماً يعني عن الحق.
(وكم أهلكنا قبلهم من قرن) أي أمة وجماعة من الناس؛ وفي هذا وعد لرسول الله (- ﷺ -) بهلاك الكافرين ووعيد لهم وتخويف وإنذار.
(هل تحس منهم من أحد) هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها أي هل تشعر بأحد من القرون أو تراه أو تجد أو تعلم، والإحساس الإدراك بالحاسة والحواس خمس والحس والحسيس الصوت الخفي (أو تسمع لهم ركزاً) الركز: الخفاء والصوت الخفي ومنه ركز الرمح، إذا غيب طرفه في الأرض وقال اليزيدي وأبو عبيدة: الركز ما لا يفهم من صوت أو حركة، وقال سعيد ابن جبير: هل ترى منهم من أحد ركزاً صوتاً، وبه قال ابن عباس.
والمعنى لما أتاهم عذابنا لم يبق شخص يُرى ولا صوت يسمع، يعني هلكوا كلهم، قال الحسن: بادواء جميعاً فلم يبق منهم عين ولا أثر، يعني هكذا هؤلاء إن أعرضوا عن تدبر ما أنزل عليك فعاقبتهم الهلاك، فَلْيَهُنْ عليك أمرهم، والله أعلم بالصواب.