ولكنه - تعالى - يعفو ويصفح١.

١ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٦٠١، ٦٠٢).

سورة البروج
قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ ٢ ﴿أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ ٣ ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً﴾ ٤. وليس المراد من إحاطته بخلقه أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخل ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وإنما المراد: إحاطة عظمة وسعة علم وقدرة، وأنها بالنسبة إلى عظمته كالخردلة٥، كما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (ما السموات السبع والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) ٦.
ومن المعلوم - ولله المثل الأعلى - أن الواحد منا إذا كان عنده خ-ردلة، إن شاء قبضها وأحاطت قبضته بها، وإن شاء جعلها تحته، وهو في الحالين مباين لها، عال عليها فوقها من جميع الوجوه، فكيف بالعظيم الذي لا يحيط بعظمته وصف واصف ٧.
١ سورة البروج، الآية: ٢٠.
٣ سورة فصلت، الآية: ٥٤.
٤ سورة النساء، الآية: ١٢٦.
٥ الخردل: نبات عشبي، يخرج في الحقول وعلى حواشي الطرق، تستعمل بذوره في الطب، يُضرب به المثل في الصِّغر. انظر ترتيب القاموس (٢/٣٤)، والمعجم الوسيط (١/٢٣٣) (خردل).
٦ أخرجه الإمام الطبري في جامع البيان (٢١/٣٢٤) بنحوه، بإسناد حسن ظاهره الاتصال.
٧ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٣٧٤).


الصفحة التالية
Icon