قال ابن عباس: يقول أمثلكم وهم بنو إسرائيل وقال علي: أي يصرف وجوه الناس إليهما.
(فأجمعوا كيدكم) الفاء فصيحة، أي إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين فأجمعوا، والإجماع الإحكام والعزم على الشيء. قاله الفراء، تقول أجمعت على الخروج مثل أزمعت. وقال الزجاج: معناه ليكن عزمكم كلكم كالكيد مجمعاً عليه بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم.
(ثم ائتوا صفاً) أي مصطفين مجتمعين ليكون أنظم لأمرهم وأشهد لهيبتهم وأدخل في استجلاب الخشية، وهذا قول جمهور المفسرين. وقال أبو عبيدة: الصف المجمع، ويسمى المصلى الصف. قال الزجاج: وعلى هذا معناه: ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم، يقال أتيت الصف بمعنى أتيت المصلى. فعلى التفسير الأول نصب صفاً على الحال، وعلى الثاني على المفعولية، قال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى " ثم ائتوا والناس مصطفون " فيكون مصدراً في موضع الحال ولذلك لم يجمع.
(وقد أفلح اليوم من استعلى) أي فاز من غلب، يقال استعلى عليه إذا غلبه؛ وهذا كله من قول السحرة بعضهم لبعض، وقيل: من قول فرعون لهم، وهذه جملة معترضة.
(قالوا يا موسى) اختر أحد الأمرين، كذا قدره الزمخشري، وهذا تفسير معنى (إما أن تلقي) ما تلقيه أو التقدير الأمر إما إلقاؤك أول أو إلقاؤنا، كذا قدره الزمخشري، أو إلقاؤك أول، ويدل عليه قوله:
(وإما أن نكون) نحن (أول من ألقى) ما يلقيه، واختاره المحلى، أو أول من يفعل الإلقاء والمراد إلقاء العصا على الأرض، وكانت السحرة معهم عصيّ، وكان موسى قد ألقى عصاه يوم دخل على فرعون، فلما أراد السحرة معارضته قالوا له هذا القول، وهذا منهم استعمال أدب حسن معه، وكأنه تعالى ألهمهم ذلك وقد وصلت إليهم بركته.


الصفحة التالية
Icon