قتل منهم سبعون ألفاً، فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي، والحكايات لهذه القصة كثيرة جداً.
(قال يا هارون ما منعك) جملة مستأنفة، والمعنى أن موسى لما وصل إليهم أخذ بشعور رأس أخيه هارون وبلحيته، وقال ما منعك من اتباعي واللحوق بي عند أن وقعوا في هذه الضلالة ودخلوا في الفتنة؟.
وقيل المعنى ما منعك من اتباعي في الإنكار عليهم؟ وقيل معناه هلا قاتلتهم إذ قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم؟ وقيل معناه هلا فارقتهم؟.
(إذ رأيتهم ضلوا
ألا تتبعن؟) أي أيُّ شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم من اتباعي، ومن أن تلحقني وتأتيني في الجبل فتخبرني بما فعلوا، وهذه الياء من ياءات الزوائد فحقها أن تحذف في الرسم كما هي كذلك في مصحف الامام ولا زائدة للتوكيد.
(أفعصيت) الهمزة للإنكار والتوبيخ، والمعنى كيف خالفت (أمري) لك بالقيام لله ومنابذة من خالف دينه، وأقمت بين هؤلاء الذين اتخذوا العجل إلهاً؟ وقيل: المراد بقوله: (أمري) هو قوله الذي حكى الله عنه. وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين، فلما أقام معهم ولم يبالغ في الإنكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره، وبه قال ابن جرير والقرطبي.
(قال) هارون (يا ابن أم) بفتح الميم وبكسرها، وعلى كل من القراءتين أراد أمي لكن على الأولى حذفت الألف المنقلبة عن الياء اكتفاء عنها بالفتحة، وعلى الثانية حذفت الياء اكتفاء عنها بالكسرة، ونسبه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه عند الجمهور استعطافاً له وترقيقاً لقلبه؛ فليس ذكرها لكونه أخاه من أمه فقط كما قيل، فإن الحق إنه كان شقيقه.


الصفحة التالية
Icon