والكفر ضد الإيمان، والكفر أيضاً جحود النعمة وهو ضد الشكر، يقال كفر كفوراً، وكفراناً. وفي قراءة ابن مسعود فلا كفر لسعيه (وإنا له) أي لسعيه (كاتبون) أي حافظون، بأن نأمر الحفظة بكتبه فنجازيه عليه، ومثله قوله سبحانه (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى).
(وحرام) هكذا قرأ أهل المدينة، وقرأ أهل الكوفة وحرم، وبها قرأ عليّ وابن مسعود وابن عباس وهما لغتان مثل حل وحلال، وقرئ وحرم (على قرية أهلكناها) أي قدرنا إهلاكها (أنهم لا يرجعون) أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء. وقيل (لا) زائدة، أي أن يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا، واختاره أبو عبيدة. وقيل أن لفظ حرام هنا بمعنى الواجب؛ أي واجب على قرية. وقيل حرام أي ممتنع رجوعهم إلى التوبة، على أن (لا) زائدة.
قال النحاس: والآية مشكلة. ومن أحسن ما قيل فيها وأجله ما روي عن ابن عباس في معنى الآية قال: واجب أنهم لا يتوبون. قال الزجاج وأبو علي الفارسي: إن في الكلام إضماراً، أي وحرام على قرية حكمنا باستئصالها أو بالختم على قلوب أهلها أن يتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون أي لا يتوبون.
(حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج) حتى هذه هي التي يحكى بعدها الكلام وقيل حتى للغاية، والمعنى أن هؤلاء المذكورين سابقاً مستمرون على ما هم عليه إلى يوم القيامة، وهي فتح سد يأجوج ومأجوج، وأطال سليمان الجمل في بيان (حتى) هذه وذكر لها وجوهاً، ويأجوج ومأجوج بالهمز وتركه اسمان أعجميان وهما قبيلتان من الإنس، يقال إنهما تسعة أعشار بني آدم، والمراد بالفتح فتح السد الذي عليهم على حذف المضاف.
(وهم) أي يأجوج ومأجوج أو العالم بأسره والأول أظهر (من كل حدب) أي نشز، وهو كل أكمة وكدية من الأرض مرتفعة، والجمع أحداب