مأخوذ من حدبة الأرض، ومعنى (ينسلون) يسرعون وقيل يخرجون. قال الزجاج: النسلان مشية الذئب إذا أسرع، يقال نسل فلان في العَدْوِ ينسِل بالكسر والضم نسلاً ونسولاً ونسلاناً، والنسلان مقارنة الخطأ مع الإسراع. وقال ابن عباس: ينسلون يقبلون، وقد ورد في صفة يأجوج ومأجوج وفي وقت خروجهم وبيان حالهم ومآلهم أحاديث وآثار كثيرة لا يتعلق بذكرها هنا كثير فائدة، وكتابنا حجج الكرامة قد اشتمل عليها اشتمالاً تاماً فليرجع إليه.
(واقترب الوعد الحق) المراد به ما بعد الفتح من الحساب، وقال الفراء والكسائي وغيرهما: المراد بالوعد الحق القيامة، والواو زائدة، والمعنى حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق وهو القيامة، فاقترب جواب اذا، ومنه قوله تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه). وأجاز الفراء أن يكون جوابه فإذا هي شاخصة، وقال البصريون: الجواب محذوف والتقدير قالوا يا ويلنا وبه قال الزجاج، وقيل غير ذلك.
(فإذا هي) يعني القيامة، بارزة واقعة كأنها آية حاضرة (شاخصة أبصار الذين كفروا) يعني أن القيامة إذا قامت شخصت أبصار الكفار من شدة الأهوال ولا تكاد تطرف من هول ذلك اليوم وهول ما هم فيه. ومعنى شاخصة مرتفة الأجفان، وإنما هو في القيامة بعد النفخة الثانية، فالتعقيب عرفي أريد به المبالغة هنا.
(يا ويلنا) على تقدير القول (قد كنا في غفلة) في الدنيا (من هذا) أي من هذا الذي دهمنا من البعث والحساب (بل كنا ظالمين) أضربوا عن وصف أنفسهم بالغفلة، أي لم نكن غافلين، بل كنا ظالمين لأنفسنا بالتكذيب وعدم الانقياد للرسل، ثم بين سبحانه حال معبوديهم يوم القيامة فقال:


الصفحة التالية
Icon