يقول لهم بعد اعترافهم (قل أفلا تذكرون) ترغيباً لهم في التدبر وإمعان النظر والفكر فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل، لأن من قدر على ذلك ابتداء قدر على إحياء الموتى.
(قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله) جاء سبحانه باللام نظراً إلى معنى السؤال، فإن قولك: مَن ربّه؟ ولمن هو؟ في معنى واحد كقولك: مَن رب هذه الدار؟ فيقال: زيد؛ ويقال لزيد، وقرئ الله بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، وهذا أوضح من الأولى، ولكنه يؤيدها أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون الألف.
(قل أفلا تتقون) عبادة غيره أو تحذرون عقابه أو قدرته على البعث، فلا تشركوا به، وفيه تنبيه على أن اتقاء عذاب الله لا يحصل إلا بترك عبادة الأوثان، والاعتراف بجواز الإعادة، فهذا الختم أبلغ من ختم الآية الأولى لاشتماله على الوعيد الشديد، ولما ذكر الأرض أولاً والسماء ثانياً، عمم الحكم هاهنا فقال:
(قل من بيده ملكوت كل شيء)؟ الملكوت الملك وزيادة التاء للمبالغة نحو جبروت ورحموت ورهبوت، وقال مجاهد: يعني خزائن كل شيء (وهو يجير) أي أنه يغيث غيره إذا شاء ويمنعه (ولا يجار عليه) أي لا يمنع أحد أحداً من عذاب الآخرة؛ ولا يقدر على نصره وإغاثته، يقال: أجرت فلاناً إذا استغاث بك فحميته. وأجرت عليه إذا حميت عنه؛ والمعنى يحمي ولا يحمى عليه (إن كنتم تعلمون) فأجيبوا:
(سيقولون لله) قرئ باللام نظراً إلى معنى السؤال كما سلف، وقرئ بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال (قل فأنى تسحرون)؟ قال الفراء والزجاج: أي تصرفون عن الحق وتخدعون، والمعنى كيف يخيل إليكم الحق باطلاً؟ والصحيح فاسداً، والخادع لهم هو الشيطان أو الهوى أو كلاهما، ثم بين الله سبحانه أنه قد بالغ في الاحتجاج عليهم فقال:


الصفحة التالية
Icon