قد تسمى تسبيحاً. وقيل المراد بها هنا الدعاء، أي علم دعاءه.
وفائدة الإخبار بأن كل واحد قد علم ذلك أن صدور هذا التسبيح هو عن علم قد علّمها الله ذلك؛ وألهمها إليه لا أن صدوره منها على طريقة الاتفاق بلا روية، وفي ذلك زيادة دلالة على بديع صنع الله سبحانه؛ وعظم شأنه من كونه جعلها مسبحة له، عالمة بما يصدر منها، غير جاهلة له وقال السدي: الصلاة للإنسان، والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه، وقيل إن ضرب أجنحة الطير صلاته، وصوته تسبيحه؛ أو المعنى كل واحد من هذه المسبحة؛ قد علم الله صلاته له؛ وتسبيحه إياه؛ والأول أرجح؛ لاتفاق القراء على رفع (كل) ولو كان الضمير لله لكان نصب كل أولى، وقيل المعنى علم كل صلاة الله وتسبيحه؛ أي اللذين أمر بهما وبأن يفعلا، كإضافة الخلق إلى الخالق، والأول أولى. وقرئ عُلِم على البناء للمفعول.
(والله عليم بما يفعلون) مقررة لما قبلها، أي لا يخفى عليه طاعتهم، ولا تسبيحهم، ولا يعزب عن علمه شيء. ثم بين سبحانه أن المبدأ منه، والمعاد إليه فقال
(ولله) لا لغيره (ملك السماوات والأرض) أي خزائن المطر، والرزق، والنبات، لأنه خالقهما، ولا يملكهما أحد سواه ومن ملك شيئاً فبتمليكه تعالى إياه.
(وإلى الله) لا إلى غيره (المصير) أي الرجوع بعد الموت، وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية في غير موضع، ثم ذكر سبحانه دليلاً آخر، من الآثار العلوية، فقال:
(ألم تر أن الله يزجي سحاباً)؟ الإزجاء السوق قليلاً، قليلاً، والمعنى أنه يسوق السحاب سوقاً رفيقاً إلى حيث يشاء، يقال زجى الشيء تزجية، دفعه برفق، وتزجى بكذا اكتفى به، وأزجى الإبل ساقها. والمزجى الشيء القليل، وبضاعة مزجاة، قليلة، والريح تزجي السحاب. والبقرة تزجي ولدها، أي تسوقه.


الصفحة التالية
Icon