واستخفافهم بما أورده من المواعظ، والوعظ كلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد ولم يقل أم لم تعظ لرؤوس الآي وتواخي القوافي.
وأبدى له الزمخشري معنى فقال: هو أبلغ في قلة اعتدادهم بوعظه من قولك أم لم تعظ. وعن الكسائي: أوعظت بإدغام الظاء في التاء وهو بعيد، لأن حرف الظاء حرف إطباق إنما يدغم فيما قرب منه جداً وقرأ الباقون بإظهار الظاء.
(إن هذا) تعليل لما قبله أي ما هذا الذي جئتنا به ودعوتنا إليه من الدين وقيل: المعنى ما هذا الذي نحن عليه (إلا خلق الأولين) أي طبيعتهم وعادتهم التي كانوا عليها، وهذا بناء على ما قال الفراء وغيره: إن معنى الخلق العادة. قال النحاس: الخلق عند الفراء العادة.
وعن محمد بن يزيد: خلقهم مذهبهم وما جرى عليه أمرهم. والقولان متقاربان، وقال مقاتل: قالوا: ما هذا الذي تدعونا إليه إلا كذب الأولين. قال الواحدي: هو قول ابن مسعود ومجاهد، قال والخلق والاختلاق الكذب، ومنه قوله ويحلقون إفكاً. وقرئ خلق بفتح الخاء وسكون اللام وبضمهما. قال الهروي: معناه على الأولى اختلاقهم وكذبهم، وعلى الثانية عادتهم، وهذا التفصيل لا بدّ منه. قال ابن الأعرابي: الخلق الدين والطبع والمروءة وقرأ أبو قلابة بضم الخاء وسكون اللام، وهي تخفيف لقراءة الضم لهما. والظاهر أن المراد بالآية هو قول من قال ما هذا الذي نحن عليه إلا عادة الأولين وفعلهم، ويؤيده قولهم:
(وما نحن بمعذبين) على ما نفعل من البطش ونحوه. مما نحن عليه الآن في الدنيا من الأعمال ولا بعث ولا حساب
(فكذبوه) أي هوداً أي أصرّوا على تكذيبه (فأهلكناهم) في الدنيا بالريح، كما صرح به القرآن في غير هذا الموضع، وهي ريح باردة شديدة الصوت لا ماء فيها، وسلطت عليهم سبع ليال وثمانية أيام، أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال