سبحانه هذا العذاب الذي أصابهم بقوله:
(إنه كان عذاب يوم عظيم) لما فيه من الشدة عليهم التي لا يقادر قدرها
وقد تقدم تفسير قوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) في هذه السورة مستوفى فلا نعيده، وقد تقدم الكلام على هذه القصص في سورتي الأعراف وهود، فأغنى عن الإعادة هنا، وفي هذا التكرير لهذه الكلمات في آخر هذه القصص السبع من التهديد والزجر، والتقرير والتأكيد، ما لا يخفى على من يفهم مواقع الكلام، ويعرف أساليبه.
وقال النسفي: قد كرر في هذه السورة في أول كل قصة وآخرها ما كرر تقريراً لمعانيها في الصدور، وليكون أبلغ في الوعظ والزجر، ولأن كل قصة منها كتنزيل برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها فكانت جديرة بأن تفتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختم بما اختتمت به.
(وإنّه) الضمير يرجع إلى ما نزله عليه من الأخبار، أي وإن هذه الأخبار أو وإن القرآن وإن لم يجر له ذكر للعلم به، وبه قال قتادة (لتنزيل رب العالمين) أي: فليس بشعر ولا سحر، ولا أساطير، ولا غير ذلك مما قالوه فيه.
(نزل) قرئ مخففاً ومشدداً (به الروح الأمين) هو جبريل، كما في قوله قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك وبه قال قتادة وابن عباس؛ وعنه مرفوعاً قال: الروح الأمين جبريل، رأيت له ستمائة جناح من لؤلؤ قد نشرها فيها مثل ريش الطواويس!! أخرجه أبو الشيخ، وسماه روحاً لأنه خلق من الروح، وسماه أميناً لأنه مؤتمن على وحيه لأنبيائه.
(على قلبك) أي: أنه تلاه على قلبك حتى تعيه وتفهمه ولا تنساه، ووجه تخصيص القلب أنه أول مدرك من الحواس الباطنة، قال الكرخي خصه


الصفحة التالية
Icon