الغاية، وهي مشاهدتهم للعذاب الأليم والمراد معاينة الموت عند الموت، ويكون ذلك إيمان يأس فلا ينفعهم، والجملة مستأنفة أو حالية.
(فيأتيهم) أي العذاب (بغتة) أي فجاة والفاء للترتيب الرتبي دون الزماني كما في الكشاف والمعنى حتى يروا العذاب فما هو أشد من رؤيته، وهو لحوقه بهم مفاجأة، فما هو أشد منه وهو سؤالهم الإنظار مع القطع بامتناعه كما يأتي (وهم) أي والحال أنهم (لا يشعرون) بإتيانه وقرأ الحسن فتأتيهم بالفوقية أي الساعة، وإن لم يتقدم لها ذكر لكنه قد دل العذاب عليها فيرونه.
(فيقولوا هل نحن منظرون)؟ أي مؤخرون وممهلون عن الهلاك ولو طرفة عين لنؤمن، قالوا هذا تحسر على ما فات من الإيمان، وطمعاً في المحال وهو إمهالهم بعد مجيء العذاب، وتمنياً للرجعة إلى الدنيا لإستدراك ما فرط منهم، فيقال لهم لا تأخير ولا إمهال، وقيل المراد بقولهم هذا الاستعجال للعذاب على طريقة الاستهزاء لقوله:
(أفبعذابنا يستعجلون)؟ ولا يخفى ما في هذا من البعد والمخالفة للمعنى الظاهر فإن معنى (هل نحن منظرون) طلب النظرة والإمهال، وأما قوله (أفبعذابنا) الخ فالمراد به الرد عليهم، والإنكار لما وقع منهم من قولهم (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) وقولهم: (فائتنا بما تعدنا) حيث استعجلوا ما فيه ضررهم، وحتف أنفسهم، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، أي أيكون حالهم كما ذكر عند نزول العذاب؟ فيستعجلون به وبينهما من التنافي ما لا يخفى على أحد، أو أيغفلون عن ذلك مع تحققه وتقرره فيستعجلون، وتقديم الظرف لرعاية الفواصل.
(أفرأيت) الاستفهام للإنكار، والفاء للعطف على مقدر يناسب المقام ومعنى رأيت أخبرني والخطاب لكل من يصلح له (إن متعناهم سنين) في الدنيا متطاولة، وطولنا لهم الأعمار
(ثم جاءهم ما كانوا يوعدون) من العذاب والهلاك.


الصفحة التالية
Icon