(وما كنا ظالمين) في تعذيبهم وليس من شأننا الظلم وقد قدمنا الحجة إليهم وأنذرناهم وأعذرنا إليهم.
(وما تنزلت به) أي بالقرآن (الشياطين) وقرئ بالواو والنون إجراء له مجرى جمع السلامة. قال النحاس: وهذا غلط عند جميع النحويين، قال المبرد وهذا غلط من العلماء، وبه قال الفراء، وقال المؤرج: إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لهذه القراءة وجه، وقال يونس بن حبيب سمعت أعرابياً يقول: دخلنا بساتين من ورائها بساتون، وهذا رد لما زعمه الكفرة في القرآن أنه من قبيل ما تلقيه الشياطين على الكهنة بعد تحقيق الحق ببيان أنه نزل به الروح الأمين، فلا يكون سحراً أو كهانة أو شعراً أو أضغاث أحلام كما يقولون.
(وما ينبغي لهم) ذلك وما يصح منهم ولا يصلح أن ينزلوا به (وما يستطيعون) في ما نسبه الكفار إليهم أصلاً ولا يمكنهم
(إنهم عن السمع) للقرآن أو لكلام الملائكة (لمعزولون) أي لمحجوبون مرجومون بالشهب، ثم لما قرر الله سبحانه حقية القرآن، وأنه منزل من عنده أمر نبيه - ﷺ - بدعاء الله وحده فقال:
(فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين) إن فعلت ذلك الذي دعوك إليه، وخطاب النبي - ﷺ - بهذا مع كونه منزهاً عنه معصوماً منه، لحث العباد على التوحيد، ونهيهم عن شوائب الشرك، وكأنه قال: أنت أكرم الخلق عليّ وأعزهم عندي، ولو اتخذت معي إلهاً لعذبتك، فكيف بغيرك من العباد؟ قال في حاشية الجمل: الخطاب له والمقصود غيره.
(وأنذر عشيرتك الأقربين) خصهم لأن الاهتمام بشأنهم أولى وهدايتهم إلى الحق أقدم، قيل هم قريش، وقيل: بنو عبد مناف، وقيل: بنو هاشم وقد ثبت في البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية


الصفحة التالية
Icon