وعن أبي جعفر قال: قال رسول الله - ﷺ -: " يا عجباً كل العجب من مصدق بدار الحيوان، وهو ليسعى لدار الغرور " أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب وهو مرسل (لو كانوا يعلمون) أن الحياة هي حياة الآخرة، أو يعلمون شيئاًً من العلم لما آثروا الدار الفانية المنغصة على الآخرة الباقية، ثم بين سبحانه أنه ليس المانع لهم من الإيمان إلا مجرد تأثير الحياة فقال:
(فإذا ركبوا في الفلك) أي: إذا انقطع رجاؤهم من الحياة وخافوا الغرق فقال: رجعوا إلى الفطرة، والركوب هو الاستعلاء وهو متعد بنفسه، وإنما عدى بكلمة (في) للإشعار بأن المركوب في نفسه من قبيل الأمكنة (دعوا الله) وحده (مخلصين له الدين) بصدق نياتهم، وتركهم عند ذلك لدعاء الأصنام لعلمهم أنه لا يكشف هذه الشدة العظيمة النازلة بهم غير الله سبحانه.
(فلما نجاهم إلى البر) وآمنوا (إذا هم يشركون) أي فاجأوا المعاودة إلى الشرك ودعوا غير الله سبحانه، وعادوا إلى ما كانوا عليه من العناد. وقيل: كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا الأصنام، فإذا اشتد الريح ألقوها في البحر، وقالوا يا رب يا رب
(ليكفروا بما آتيناهم) من نعمة الإنجاء.
(وليتمتعوا) أي فاجأوا الشرك بالله ليكفروا ويجحدوا بنعمة الله وليتمتعوا بها، فاللام في الفعلين لام كي، وفيه شيء لأنه ليس الحامل لهم على الإشراك قصد الكفر، والظاهر أنها لام العاقبة والمآل، كما أشار له الشهاب، وقيل: اللام للتعليل، والمعنى لا فائدة لهم في الإشراك إلا التمتع به في العاجلة ولا نصيب لهم في الآخرة. وقيل: هما لاما الأمر تهديداً ووعيداً أي: اكفروا بما أعطيناكم من النعمة، وتمتعوا. ويدل على هذا المعنى قراءة أبيّ وتمتعوا، وهذا الاحتمال للأمرين إنما هو على قراءة أبي عمرو، وورش بكسر اللام، وأما على قراءة الجمهور بسكونها، فلا خلاف أنها لام الأمر.
(فسوف يعلمون) عاقبة ذلك الأمر وما فيه من الوبال عليهم، وفيه تهديد لهم عظيم.