واستبصار، لتستدل بذلك على توحيد الله، وتفرده بهذا الصنع العجيب؛ والفاء للدلالة على سرعة ترتبها عليه وقرئ: أثر بالتوحيد، وآثار بالجمع سبعية.
(كيف يحيي الأرض بعد موتها)؟ فاعل الإحياء ضمير يعود إلى الله سبحانه وقيل: ضمير يعود إلى الأثر، أي: انظر إلى كيفية هذا الإحياء البديع للأرض بعد موتها، والمراد بالنظر التنبيه على عظيم قدرته، وسعة رحمته، مع ما فيه من التمهيد لأمر البعث، وقرئ تحيي بالفوقية على أن فاعله ضمير يعود إلى الرحمة، أو إلى الآثار.
(إن ذلك) أي: إن الله العظيم الشأن، المخترع لهذه الأشياء المذكورة (لمحيي الموتى) أي: القادر على إحيائهم في الآخرة، وبعثهم ومجازاتهم، كما أحيا الأرض الميتة بالمطر، وهذا استدلال بإحياء الموات على إحياء الأموات (وهو على كل شيء قدير) أي: عظيم القدرة وكثيرها، وهذا من جملة المقدورات بدليل الإنشاء.
(ولئن أرسلنا ريحاً) مضرة وهي الريح الدبور التي أهلكت بها عاد (فرأوه) أي: الزرع والنبات الذي كان من أثر رحمة الله (مصفراً) من البرد الناشئ عن الريح التي أرسلها الله بعد اخضراره، وقيل: الضمير راجع إلى الريح، وهو يجوز تذكيره وتأنيثه، وقيل: راجع إلى الأثر المدلول عليه بالآثار، وقيل: راجع إلى السحاب، لأنه إذا كان مصفراً لم يمطر، والأول أولى واللام هي الموطئة، وجواب القسم قوله تعالى: (لظلوا من بعده) وهو يسد مسد جواب الشرط، لأنه اجتمع هنا شرط وقسم، والشرط مؤخر فيحذف جوابه، دلالة عليه بجواب القسم على القاعدة والمعنى: وبالله لئن أرسلنا ريحاً حارة أو باردة فضربت زرعهم بالصفرة لظلوا من بعد ذلك.
(يكفرون) بالله ويجحدون نعمه والمعنى: أنهم يفرحون عند الخصب، ولو أرسلت عذاباً على زرعهم لجحدوا سالف نعمتي، وفي هذا دليل على سرعة تقلبهم، وعدم صبرهم، وضعف قلوبهم، وليس كذا حال أهل الإيمان، ثم شبههم بالموتى وبالصم فقال: