(ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها) أي: لا أحد أظلم منه لكونه سمع من آيات الله ما يوجب الإقبال على الإيمان والطاعة، فجعل الإِعراض مكان ذلك، والمجيء بثم للدلالة على استبعاد ذلك وأنه مما ينبغي أن لا يكون، والاستفهام إنكاري.
(إنا من المجرمين منتقمون) أي: من أهل الإجرام على العموم، فيدخل فيه من أعرض عن آيات الله دخولاً أولياً قال أبو السعود: أي كل من اتفق منه إجرام -وإن هانت جريمته- فكيف بمن هو أظلم من كل ظالم؟ وأشد جرماً من كل مجرم؟.
أخرج ابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، وغيرهم -قال السيوطي بسند ضعيف- عن معاذ بن جبل: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: " ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عند لواء في غير حق، أو عق والديه، أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم، يقول الله: إنا من المجرمين منتقمون ".
قال ابن كثير بعد إخراجه: هذا حديث غريب.
(ولقد آتينا موسى الكتاب) أي: التوراة، وإنما ذكر موسى لقربه من النبي - ﷺ - ووجود من كان على دينه إلزاماً لهم: وإنما لم يختر عيسى عليه السلام للذكر والاستدلال، لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوته، وأما النصارى فكانوا يعترفون بنبوة موسى عليه السلام، فتمسك بالمجمع عليه.
(فلا تكن) يا محمد (في مرية) أي شك، وريبة (من لقائه) قال الواحدي: قال المفسرون وعد رسول الله - ﷺ - أنه سيلقى موسى قبل أن يموت ثم لقيه في السماء أو في بيت المقدس حين أسري به، وهذا قول مجاهد والكلبي والسدي، وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة، وستلقاه فيها وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى للكتاب، قاله الزجاج وقال الحسن: إن معناه ولقد آتينا موسى الكتاب فكذب وأوذي، فلا تكن في


الصفحة التالية
Icon