والكبراء هم الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا، ويقتدون بهم. وقال مقاتل: هم المطعمون في غزوة بدر والأول أولى. ولا وجه للتخصيص بطائفة معينة، والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار، وإلا فهم في مقام التحقير والإهانة.
وفي هذا زجر عن التقليد شديد، وكم في الكتاب العزيز من التنبيه على هذا والتحذير منه والتنفير عنه ولكن لمن يفهم معنى كلام الله ويقتدي به وينصف من نفسه لا لمن هو من جنس الأنعام في سوء الفهم، ومزيد البلادة، وشدة التعصب.
(فأضلونا السبيلا) أي عن السبيل بما زينوا لنا من الكفر بالله وبرسله والسبيل هو التوحيد، ثم دعوا عليهم في ذلك الموقف فقالوا:
(ربنا آتهم ضعفين من العذاب) أي مثل عذابنا مرتين للضلال والإضلال وقال قتادة عذاب الدنيا والآخرة، وقيل: عذاب الكفر وعذاب الإضلال (والعنهم لعناً كبيراً) أي كبيراً في نفسه شديداً عليهم وقرىء بالمثلثة أي كثيراً لعدد عظيم القدر شديد الموقع.
(يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى) بقولهم إن به أدرة أو برصا أو عيبا، وسيأتي بيان ذلك، وفيه تأديب للمؤمنين وزجر لهم من أن يدخلوا في شىء من الأمور التي تؤذي رسول الله - ﷺ -. قال مقاتل: وعظ الله المؤمنين أن لا يؤذوا محمداً - ﷺ - كما آذى بنو إسرائيل موسى، وقد وقع الخلاف فيما أوذي به نبينا - ﷺ - حتى نزلت هذه الآية فحكى النقاش: أن أذيتهم محمداً ﷺ قولهم: زيد بن محمد، وقال أبو وائل: إنه ﷺ قسم قسماً فقال رجل من الأنصار: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله.
وعن ابن مسعود مثله، فذكر ذلك للنبي ﷺ فاحمر وجهه، ثم قال: [رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]. أخرجه


الصفحة التالية
Icon