وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)
(ومن نعمره ننكسه في الخلق) قرأ الجمهور: ننكسه بفتح النون الأولى وسكون الثانية وضم الكاف مخففة، وقرىء: بضم النون الأولى وفتح الثانية وكسر الكاف مشددة والتنكيس جعل الشيء أعلاه أسفله، والمعنى: من نطل عمره نغير خلقه، ونجعله على عكس ما كان عليه أولاً من القوة والطراوة قال الزجاج المعنى من أطلنا عمره نكسنا خلقه فصار بدل القوة الضعف، وبدل الشباب الهرم، ومثل هذه الآية قوله سبحانه (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاًً). وقوله: (ثم رددناه أسفل سافلين.
(أفلا يعقلون)؟ قرأ الجمهور بالتحتية وقرىء بالفوقية على الخطاب أي أفلا يعلمون بعقولهم أن من قدر على ذلك قدر على البعث والنشور؟ ولما قال كفار مكة إن القرآن شعر، وإن محمداً شاعر، رد الله عليهم بقوله:
(وما علمناه الشعر) والمعنى نفي كون القرآن شعراً، لأن الشعر كلام متكلف موضوع، ومقال مزخرف مصنوع، منسوج على منوال الوزن والقافية، مبني على خيالات وأوهام واهية، فأين ذلك من التنزيل الجليل المنزه عن مماثلة كلام البشر؟ المشحون بفنون الحكم والأحكام الباهرة. الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة، ثم نفى أن يكون النبي شاعراً فقال:
(وما ينبغي له) أي لا يصح له الشعر ولا يتأتى منه، ولا يتسهل عليه لو طلبه، وأراد أن يقوله بالطبع والسجية، كما جعلناه أمياً لا يهتدي إلى الخط لتكون الحجة أثبت، والشبهة أدحض، بل كان ﷺ إذا أراد أن ينشد بيتاً قد قاله شاعر متمثلاً به كسر وزنه، فإنه لما أنشد بيت طرفة بن العبد المشهور وهو قوله.



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود