منهاجه وسنته، قال الأصمعي: الشيعة الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار التي توقد مع الكبار حتى تستوقد، وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة، وما كان بينهما إلا نبيان هود وصالح والذين قبل نوح ثلاثة إدريس وشيث وآدم، فجملة من قبل إبراهيم من الأنبياء ستة، والمعنى كان من أتباعه في أصل الدين وإن اختلفت فروع شرائعهما أو كان بين شريعتهما اتفاق كلي أو أكثري، وإن طال الزمان، وقال الفراء: المعنى وإن من شيعة محمد لإبراهيم، فالهاء على هذا في شيعته لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وكذا قال الكلبي، ولا يخفى ما في هذا من الضعف والمخالفة للسياق.
(إذ جاء ربه بقلب سليم) أي مخلص من الشرك والشك أو من آفات القلوب وقيل: هو الناصح لله في خلقه، وقيل: الذي يعلم أن الله حق وأن الساعة قائمة وأن الله يبعث من في القبور، ومعنى مجيئه إلى ربه يحتمل وجهين أحدهما عند دعائه إلى توحيده وطاعته، والثاني عند إلقائه في النار، وجاء استعارة تصريحية تبعية. شبه إخلاصه قلبه بمجيئه بتحفة كأنه جاء به تحفة من عنده في أنه فاز بما يستجلب به رضاه، والظرف في قوله إذا جاء منصوب بفعل محذوف، أي أذكر، وقيل: بما في الشيعة من معنى المتابعة، قال أبو حيان: لا يجوز لأن فيه الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وهو إبراهيم، والأولى أن يقال إن لام الابتداء تمنع ما قبلها عن العمل فيما بعدها.
(إذ) أو وقت إذ (قال لأبيه) آزر (وقومه) من الكفار (ماذا) أي أيُّ شيء (تَعْبُدُونَ (٨٥)
أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ) انتصاب (إفكاً) على أنه مفعول لأجله أي أتريدون آلهة من دون الله للإفك، وتقديم هذه المعمولات للفعل عليه للاهتمام، وقيل: انتصاب (إفكاً) على أنه مفعول به لتريدون والآلهة بدل منه جعلها نفس الإفك مبالغة، وهذا أولى من الوجه الأول، وقيل. أتريدون آلهة آفكين أو ذوي إفك. قال المبرد: الإفك أسوأ الكذب وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض.