وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠)
(والله خلقكم وما تعلمون) أي وخلق الذي تصنعونه على العموم ويدخل فيها الأصنام التي تنحتونها دخولاً أولياً ويكون معنى العمل هنا التصوير والنحت ونحوهما نحو عمل الصائغ السوار، أي صاغه ويرجحه ما قبله، أي أتعبدون الذي تنحتون، أو خلقكم وخلق عملكم، وجعلها الأشعرية دليلاً على خلق أفعال العباد لله تعالى وهو الحق، فإن فعلهم كان بخلق الله فيهم فكان مفعولهم المتوقف على فعلهم أولى بذلك، ويرجح على الأول بعدم الحذف، ويجوز أن تكون (ما) استفهامية أي أيُّ شيء تعملون، ومعنى الاستفهام التوبيخ والتقريع، ويجوز أن تكون نافية، أي أن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم لا تعملون شيئاًً وقد طول صاحب الكشاف الكلام في رد قول من قال إنها مصدرية، ولكن بما لا طائل تحته، وجعلها موصولة أولى بالمقام وأوفق بسياق الكلام، والجملة إما حالية أو مستأنفة.
(قالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم) مستأنفة جواب سؤال مقدر كالجملة التي قبلها، قالوا هذه المقالة لما عجزوا عن جواب ما أورده عليهم من الحجة الواضحة فتشاوروا فيما بينهم أن يبنوا له حائطاً من حجارة ويملأوه حطباً ويضرموه، ثم يلقوه فيه، والجحيم النار الشديد الاتقاد. قال الزجاج: وكل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم، والألف واللام في جحيم عوض عن المضاف إليه أي في جحيم ذلك البنيان، ثم لما ألقوه فيها نجاه الله منها وجعلها عليه برداً وسلاماً وهو معنى قوله:
(فأرادوا به كيداً) مكراً وحيلة أي احتالوا لإهلاكه.
(فجعلناهم الأسفلين) أي المقهورين المغلوبين بإبطال كيدهم وجعله


الصفحة التالية
Icon