قال لأبيه: إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضخ عليك دمي، فشده فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا "، وأخرج أحمد عنه مرفوعاً مثله مع زيادة، وأخرجه عنه موقوفاً.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه قال: " فلما أسلما سلما ما أمرا به وتله وضع وجهه إلى الأرض فقال: لا تذبحني وأنت تنظر، عسى أن ترحمني فلا تجهز علي، وأن أجزع فأنكص فأمتنع منك، ولكن اربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض فلما أدخل يده ليذبحه فلم تحل المدية حتى نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده.
وعنه أيضاًً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رؤيا الأنبياء وحي "، أخرجه ابن أبي حاتم وأخرجه البخاري وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. (١)
(إنا كذلك) أي كما جزيناك (نجزي المحسنين) أي نجزيهم بامتثال الأمر بالخلاص من الشدائد والسلامة من المحن. فالجملة كالتعليل لما قبلها قال مقاتل: جزاه الله سبحانه بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه.
_________
(١) زاد المسير ٧/ ٧٣.
(إن هذا لهو البلاء المبين) الابتلاء والبلاء الاختبار والمعنى إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ابنه وقيل: إن هذا لهو النعمة الظاهرة حيث سلم الله ولده من الذبح وفداه بالكبش. يقال: أبلاه الله إبلاء وبلاء إذا أنعم عليه والأول أولى وإن كان الابتلاء يستعمل في الاختبار بالخير والشر ومنه: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) ولكن المناسب للمقام المعنى الأول قال أبو زيد: هذا في البلاء الذي نزل به في أن يذبح ولده، قال: وهذا من البلاء المكروه.