تلا: (وفديناه بذبح عظيم) فأمره بكبش فذبحه " وقد استشهد أبو حنيفة بهذه الآية فيمن نذر بذبح ولده أنه يلزمه ذبح شاة.
(وتركنا عليه في الآخرين) أي في الأمم الآخرة التي تأتي بعده ولا وقف عليه لأن قوله:
(سلام على إبراهيم) مفعول وتركنا، والسلام الثناء الجميل وقال عكرمة: سلام منا، وقيل: سلامة من الآفات، والكلام في هذا كالكلام في قوله: سلام على نوح في العالمين وقد تقدم في هذه السورة بيان معناه.
(كذلك نجزي المحسنين) أي مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي من انقاد لأمر الله، ولم يقل: إنا كذلك هنا، كما في غيره لأنه قد سبق في هذه القصة فاستخف بتركه اكتفاء بذكره مرة عن ذكره ثانية
(إنه من عبادنا المؤمنين) أي الذين أعطوا العبودية حقها ورسخوا في الإيمان بالله وتوحيده.
(وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) أي بشرنا إبراهيم بولد يولد له ويصير نبياً بعد أن يبلغ السن التي يتأهل فيها لذلك، ونبياً منصوب على الحال، وهي حال مقدرة. وقال ابن عباس: إنما بشر نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده.
قال الزجاج: إن كان الذبيح إسحق فيظهر كونها مقدرة والأولى أن يقال: إن من فسر الذبيح بإسحق جعل البشارة هنا خاصة بنبوته. وفي ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة، فإن وجود ذي الحال ليس بشرط وإنما الشرط المقارنة للفعل وقوله: (من الصالحين) كما يجوز أن يكون صفة (لنبياً) يجوز أن يكون حالاً من الضمير المستتر فيه فتكون أحوالاً متداخلة.
(وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ) أي على إبراهيم (وَعَلَى إِسْحَاقَ) بمرادفة نعم الله عليهما وقيل: كثرنا أولادهما وقيل: إن الضمير في عليه يعود إلى إسماعيل وهو بعيد. وقيل: المراد بالمباركة هنا هي الثناء الحسن عليهما إلى يوم القيامة. وقيل: أخرجنا من صلبه ألف نبي أولهم يعقوب وآخرهم عيسى.