أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥)
(أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ)؟ قرأ الجمهور: بفتح الهمزة على أنها للاستفهام الإنكاري وقد حذف معها همزة الوصل استغناء بها عنها، وقرىء بهمزة وصل تثبت ابتداء وتسقط درجاً، ويكون الاستفهام منوباً قاله الفراء وحذف حرفه للعلم به من المقام، أو على أن اصطفى وما بعده بدل من الجملة المحكية بالقول، وعلى تقدير عدم الاستفهام والبدل فقد حكى جماعة من المحققين منهم الفراء أن التوبيخ يكون باستفهام وبغير استفهام كما في قوله: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) وقيل: هو على إضمار القول والاصطفاء أخذ صفوة الشيء.
(ما لكم كيف تحكمون)؟ جملتان استفهاميتان ليس لإحداهما تعلق بالأخرى من حيث الإعراب استفهمهم أولاً عما استقر لهم، وثبت استفهام إنكار، وثانياً استفهام تعجب من هذا الحكم الذي حكموا به، والمعنى أي شيء ثبت لكم كيف تحكمون لله بالبنات؟ وهو القسم الذي تكرهونه ولكم بالبنين وهو القسم الذي تحبونه
(أفلا تذكرون)؟ أي تتذكرون والمعنى ألا تعتبرون وتتفكرون فتتذكرون بطلان قولكم.
(أم لكم سلطان مبين) أي حجة واضحة ظاهرة على هذا الذي تقولونه ضرورة أن الحكم بذلك لا بد له من مسند حسي أو عقلي، وحيث انتفى كلاهما فلا بد من مستند نقلي، وهو إضراب عن توبيخ إلى توبيخ،