هو صال الجحيم، قرأ الجمهور: صال بكسر اللام لأنه منقوص مضاف حذفت الياء لالتقاء الساكنين وحمل على لفظ من فأفرد كما أفرد هو.
وقرأ الحسن وابن أبي عبلة: بضم اللام مع واو بعدها، وروي عنهما أنهما قرآ: بضم اللام بدون الواو، فأما مع الواو فعلى أنه جمع سلامة بالواو حملاً على معنى من، وحذفت نون الجمع للإضافة، وأما بدون الواو فيحتمل أن يكون جمعاً، وإنما حذفت الواو خطأ كما حذفت لفظاً، ويحتمل أن يكون مفرداً وحقه على هذا كسر اللام.
قال النحاس وجماعة أهل التفسير يقولون: إنه لحن لأنه لا يجوز هذا قاضي المدينة، والمعنى أن الكفار وما يعبدونه لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله إلا من هو من أهل النار وهم المصرون وإنما يصر على الكفر من سبق القضاء عليه بالشقاوة، وأنه ممن يصلى النار أي يدخلها. ثم قال الملائكة مخبرين للنبي ﷺ كما حكاه الله سبحانه عنهم
(وما منا) في الكلام حذف والتقدير وما منا أحد أو وما منا ملك.
(إلا له مقام معلوم) في عبادة الله، وقيل: التقدير وما منا إلا من له مقام معلوم، رجح البصريون التقدير الأول، ورجح الكوفيون الثاني. قال الزجاح هذا قول الملائكة وفيه مضمر، والمعنى وما منا ملك إلا له مقام معلوم يعبد ربه فيه لا يتجاوزه، وقيل: مقام معلوم في القربة والمشاهدة، وقيل: يعبد الله على مقامات مختلفة كالخوف والرجاء والمحبة والرضاء، والأول أولى، وقيل: هو من كلام النبي والمؤمنين، أي وما منا إلا له مقام معلوم في الجنة أو بين يدي الله في القيامة، وفيه بعد ثم قالوا:
(وإنا لنحن الصافون) أي في مواقف الطاعة أو حول العرش، داعين للمؤمنين، قال قتادة: هم الملائكة صفوا أقدامهم، وقال الكلبي: صفوف الملائكة في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض، أو نحن الصافون له في الصلاة، وهذا على القول الثاني أنهم المؤمنون، والأول أظهر.