أصوات الإبل وحنينها.
وقد ثبت في الصحيح وغيره: " أن النبي ﷺ أمر أصحابه بأن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربهم، فقالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف ". قال القرطبي: قال مقاتل: هذه الآيات الثلاث نزلت ورسول الله ﷺ عند سدرة المنتهى، فتأخر جبريل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أهنا تفارقني؟ فقال جبريل: ما أستطيع أن أتقدم عن مكاني هذا.
وأنزل الله حكاية عن قول الملائكة: (وما منا إلا له مقام معلوم) إلى آخرها ".
(وإن كانوا ليقولون) إن مخففة من الثقيلة، وفيها ضمير شأن محذوف، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، أي وإن الشأن كان كفار العرب ليقولون الخ، وهذا رجوع إلى الإخبار عن المشركين. أي كانوا قبل المبعث المحمدي إذا عيروا بالجهل قالوا:
(لو أن عندنا ذكراً من الأولين) أي كتاباً من كتبهم كالتوراة والإنجيل
(لكنا عباد الله المخلصين) أي لأخلصنا العبادة له، ولم نكفر به كما كفروا فجاءهم الذكر الذي هو سيد الأذكار، والكتاب الذي هو معجز من بين الكتب.
(فكفروا به) قال ابن عباس: لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين، وعلم الآخرين؛ كفروا بالكتاب والفاء هي الفصيحة الدالة على محذوف مقدر في الكلام، قال الفراء: تقديره فجاءهم محمد بالذكر، فكفروا به، وهذا على طريق التعجب منهم، ونظير ذلك قوله: في سورة فاطر: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا) والمراد بالنذير الرسول، وقد قيل هنا: إن الذكر هو الرسول (فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم ومغبة تكذيبهم، وما يحل بهم من الانتقام، وفي هذا تهديد لهم شديد.