نزول رسول الله ﷺ بساحتهم يوم فتح مكة شبه العذاب بجيش هجم عليهم؛ فأناخ بفنائهم بغتة وهم في ديارهم. ففي الضمير المستتر في نزل استعارة بالكناية والنزول تخييل. قرأ الجمهور: نزل مبنياً للفاعل.
وقرىء: مبنياً للمفعول والجار والمجرور قائم مقام الفاعل.
(فساء صباح المنذرين) أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب، والمخصوص بالذم محذوف، أي صباحهم وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه وإن وقع في وقت آخر، وفي التعبير بالمنذرين إقامة الظاهر مقام المضمر واللام للجنس لا للعهد فإن أفعال الذم والمدح تقتضي الشيوع للإبهام والتفصيل فلا يجوز أن تقول: بئس الرجل هذا ونعم الرجل هذا إذا أردت رجلاً بعينه.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: " صبح رسول الله ﷺ خيبر وقد خرجوا بالمساحي فلما نظروا إليه قالوا: محمد والخميس، فقال: الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " الحديث.
ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيداً للوعد بالعذاب وتسلية على تسلية: فقال:
(وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون) حذف مفعول أبصر هنا وذكره أولاً إما لدلالة الأول عليه. فتركه هنا اختصاراً أو قصداً إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف، وقيل: هذه الجملة المراد بها أحوال القيامة والجملة الأولى: المراد بها عذابهم في الدنيا وعلى هذا فلا يكون من باب التأكيد، بل من باب التأسيس، ثم نزه سبحانه نفسه عن قبيح ما يصدر منهم فقال:
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون) العزة الغلبة والقوة والمراد تنزيهه عن كل ما يصفونه، مما لا يليق بجنابه الشريف ورب العزة بدل من