هو الهوى، ويجوز أن يكون الفعل مجزوماً بالعطف على النهي، وإنما حرك لالتقاء الساكنين، فعلى الوجه الأول يكون المنهي عنه الجمع بينهما وعلى الثاني يكون النهي عن كل واحد منهما على حدة، وسبيل الله هو طريق الجنة أو دلائله التي نصبها على الحق تشريعاً وتكويناً.
(إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد) تعليل للنهي عن اتباع الهوى، والوقوع في الضلال (بما نسوا يوم الحساب) الباء للسببية، ومعنى النسيان الترك، قال الزجاج: أي بتركهم العمل لذلك اليوم صاروا بمنزلة الناسين، وإن كانوا ينظرون ويذكرون ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا.
وقال عكرمة والسدي: في الآية تقديم وتأخير، والتقدير، ولهم عذاب يوم الحساب بما نسوا أي تركوا القضاء بالعدل والأول أولى.
(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً) مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها من أمر البعث والحساب أي ما خلقنا هذه الأشياء خلقاً باطلاً خارجاً عن الحكمة الباهرة، بل خلقناها للدلالة على قدرتنا. فانتصاب باطلاً على المصدرية أو على الحالية أو على أنه مفعول لأجله، والإشارة بقوله (ذلك) إلى النفي قبله وهو مبتدأ وخبره: (ظن الذين كفروا) أي مظنونهم فإنهم يظنون أن هذه الأشياء خلقت لا لغرض ويقولون: إنه لا قيامة ولا بعث ولا حساب، وذلك يستلزم أن يكون خلق هذه المخلوقات باطلاً.
(فويل للذين كفروا من النار) الفاء لإفادة ترتب ثبوت الويل لهم على ظنهم الباطل أي فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم وكفرهم، كما أن وضع الموصول موضع ضميرهم للإشعار بعلية للصلة، لاستحقاقهم الويل، ثم وبخهم وبكتهم فقال: