استكبروا) عن الانقياد للأنبياء والأتباع لهم، وهم رؤساء الكفر (إنا كنا لكم تبعاً) فتكبرتم على الناس بنا، والتبع جمع تابع كخدم وخادم أو مصدر واقع موقع اسم الفاعل، أي تابعين أو ذوي تبع، قال البصريون التبع يكون واحداً ويكون جمعاً، وقال الكوفيون هو جمع لا واحد له.
(فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار) أي هل تدفعون عنا نصيباً منها؟ أو تحملونه معنا، وجملة
(قال الذين استكبروا إنا كل فيها) مستأنفة جواب سؤال مقدر قرأ الجمهور (كل) بالرفع على الابتداء، وخبره (فيها) والجملة خبر إن قاله الأخفش، وقرأ ابن السميفع وعيسى ابن عمر (كُلاًّ) بالنصب، قال الكسائي والفراء على التأكيد لاسم إن بمعنى كلنا، وتنوينه عوض عن المضاف إليه؛ وقيل على الحال، ورجحه ابن مالك، والمعنى إنا نحن وأنتم جميعاً في جهنم، فكيف نغني عنكم؟ ولو قدرنا لأغنينا عن أنفسنا.
(إن الله قد حكم بين العباد) أي قضى بينهم بأن فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير، فلا يغني أحد عن أحد شيئاً فعند ذلك يحصل اليأس للأتباع من المتبوعين، فيرجعون كلهم إلى خزنة جهنم يسألونهم، كما قال:
(وقال الذين في النار) من الأمم الكافرة، مستكبرهم وضعيفهم جميعاً (لخزنة جهنم) جمع خازن، وهم القوام بتعذيب أهل النار، وإنما لم يقل لخزنتها لأن في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً، أو لبيان محلهم فيها فإن جهنم هي أبعد النار قعراً من قولهم بئر جهنام، بعيدة القعر. وفيه أعتى الكفار وأطغاهم، فلعل الملائكة الموكلين لعذاب أولئك أجوب دعوة لزيادة قربهم من الله، فلهذا تعمدهم أهل النار بطلب الدعوة منهم.
(ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب) أي شيئاًً منه مقدار يوم من أيام الدنيا لأنه ليس في الآخرة ليل ولا نهار.


الصفحة التالية
Icon