هي التي توجد فيها المنافع الآتية كلها، وقوله: (لتركبوا منها) تفصيل لهذا الإجمال، ومن للتبعيض، وكذلك في قوله:
(ومنها تأكلون) أو لابتداء الغاية في الموضعين ومعناها ابتداء الركوب، وابتداء الأكل، والأول أولى. والمعنى لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها.
(ولكم فيها منافع) أخر غير الركوب والأكل من الوبر والصوف والشعر، والزبد والسمن والجبن، والدر والنسل، وغير ذلك (ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم) قال مجاهد ومقاتل وقتادة: تحمل أثقالكم من بلد إلى بلد، وقد تقدم بيان هذا مستوفى في سورة النحل:
(وعليها وعلى الفلك تحملون) أي على الإبل في البر، وعلى السفن في البحر، وقيل: المراد بالحمل على الأنعام هنا حمل الولدان والنساء في الهوادج، وهو السر في فصله عن الركوب، وفي الجمع بينهما من المناسبة التامة حتى سميت سفائن البر، ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة النحل (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع) الآية، لكن هذه أجمع منها.
(ويريكم آياته) أي دلالاته الدالة على كمال قدرته ووحدانيته (فأي) آية من (آيات الله تنكرون) فإنها كلها من الظهور، وعدم الخفاء، بحيث لا ينكرها منكر، ولا يجحدها جاحد، وفيه تقريع لهم وتوبيخ عظيم وتذكير أي أشهر من تأنيثه، فلذلك لم يقل فأية آيات الله لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء الجامدة نحو حمار وحمارة غريب، وهي في أي أغرب لابهامها، ونصب أي بـ (تنكرون) وإنما قدم على العامل فيه لأن له صدر الكلام، ثم أرشدهم سبحانه إلى الاعتبار والتفكر في آيات الله فقال: