وبه قال الفراء، وكذا قال ابن الأعرابي إن معنى العابدين الغضاب الآنفين.
وقال أبو عبيدة: معناه الجاحدين، وحكى عبدني حقي أي جحدني ولا شك أن عبد وأعبد بمعنى أنف أو غضب ثابت في لغة العرب، وكفى بنقل هؤلاء الأئمة حجة ولكن جعل ما في القرآن من هذا من التكلف الذي لا ملجىء إليه ومن التعسف الواضح، وقد رد ابن عرفة ما قالوه فقال: إنما يقال: عبد يعبد فهو عبد، وقل ما يقال: عابد والقرآن لا يأتي بالقليل من البغة ولا الشاذ، قرأ الجمهور ولد بالإفراد وقرىء بضم الواو وسكون اللام.
(سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون) أي تنزيهاً له وتقديساً عما يقولون من الكذب، بأن له ولداً ويفترون عليه سبحانه ما لا يليق بجنابه، وهذا إن كان من كلام الله سبحانه فقد نزه نفسه الكريمة عما قالوه وإن كان من تمام كلام رسوله ﷺ الذي أمره بأن يقوله فقد أمره بأن يضم إلى ما حكاه عنهم بزعمهم الباطل تنزيه ربه وتقديسه.
(فذرهم يخوضوا ويلعبوا) أي اترك الكفار حيث لم يهتدوا لما هديتهم به ولا أجابوك فيما دعوتهم إليه يخوضوا في أباطيلهم؛ ويلهوا في دنياهم (حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) وهو يوم القيامة، وقيل العذاب في الدنيا: وقيل يوم الموت وهو الأظهر فإن خوضهم ولعبهم إنما ينتهي بيوم الموت، قيل: وهذا منسوخ بآية السيف وقيل: هو غير منسوخ وإنما أخرج مخرج التهديد، وفيه دليل على أن ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب، قرأ الجمهور يلاقوا وقرىء يلقوا.
(وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) الجار والمجرور في الموضعين متعلق بإله لأنه بمعنى معبود، أو مستحق للعبادة والمعنى وهو الذي معبود في السماء ومعبود في الأرض، أو مستحق للعبادة في السماء والعبادة في الأرض وبما تقرر من أن المراد بإله معبود اندفع ما قيل هذا يقتضي تعدد الآلهة