(وزروع ومقام كريم) قرأ الجمهور مقام بفتح الميم على أنه اسم مكان للقيام وقرىء بضمها اسم مكان الإقامة قال ابن عباس ومقام كريم المنابر، وعن جابر مثله، وقيل: هو ما كان لهم من المنازل الحسنة، والمجالس الشريفة والمحافل المزينة.
(ونعمة كانوا فيها فاكهين) النعمة بالفتح التنعم ونضارة العيش ولذاذته يقال نعمه الله وناعمه فتنعم، وبالكسر المنة وما أنعم به عليك وفلان واسع النعمة أي واسع المال، ذكر معنى هذا الجوهري، وقال المحلي: نعمة أي متعة أي أمور يتمتعون وينتفعون بها، كالملابس والمراكب قرأ الجمهور فاكهين بالألف، وقرىء بغير ألف والمعنى على الأولى متنعمين طيبة أنفسهم وعلى الثانية أشرين بطرين. قال الجوهري: فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحاً، والفكه أيضاًً الأشر البطر، قال وفاكهين أي ناعمين وقال الثعلبي هما لغتان كالحاذر والحذر، والفاره والفره وقيل: إن الفاكه هو المستمتع بأنواع اللذة كما يتمتع الرجل بأنواع الفاكهة.
(كذلك) أي الأمر كذلك يجوز أن تكون في محل نصب، والإشارة إلى مصدر فعل يدل عليه تركوا، أي مثل ذلك السلب سلبناهم إياها، وقيل مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها. وقيل مثل ذلك الإهلاك أهلكناهم، فعلى الوجه الأول يكون قوله (وأورثناها) معطوفاً على تركوا وعلى الوجوه الآخرة يكون معطوفاً على الفعل المقدر (قوماً آخرين) المراد بهم بنو إسرائيل، فإن الله سبحانه ملكهم مصر، بعد أن كانوا مستعبدين فصاروا لها وارثين أي أنها وصلت إليهم كما يصل الميراث إلى الوارث، ومثل هذا قوله (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها) وهذا قول الحسن، وقيل: إنهم لم يرجعوا إلى مصر، والقوم الآخرون غير بني إسرائيل وهو قول ضعيف جداً قاله الكرخي.