إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١)
(إِنَّ هَؤُلَاءِ) أي كفار قريش، لأن الكلام فيهم، وقصة فرعون مسوقة للدلالة على استوائهم في الإصرار على الكفر، (ليقولون
إن هي إلا موتتنا الأولى) التي نموتها في الدنيا، ولا حياة بعدها ولا بعث، وهو معنى قوله (وما نحن بمنشرين) أي بمبعوثين، يقال أنشر الله الموتى ونشرهم إذا بعثهم، وليس في الكلام قصد إلى إثبات موتة أخرى، بل المراد ما العاقبة ونهاية الأمر، إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية.
قال الرازي وابن الخطيب المعنى أنه لا يأتينا من الأحوال الشديدة إلا الموتة الأولى، وهذا الكلام يدل على أنه لا تأتيهم الحياة الثانية البتة، فلا حاجة إلى التكلف الذي ذكره الزمخشري في هذا المقام، ثم أوردوا على من وعدهم بالبعث ما ظنوه دليلاً، وهو حجة داحضة فقالوا:
(فأتوا بآبائنا) أي ارجعوهم بعد موتهم إلى الدنيا، قال الفراء والخطاب لرسول الله ﷺ وحده، كقوله (رب أرجعونِ)