أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)
(أولئك) الموصوفون بما ذكر (أصحاب الجنة) التي هي دار المؤمنين حال كونهم (خالدين فيها) وفي هذه الآية من الترغيب أمر عظيم، فإن نفي الخوف والحزن على الدوام والاستقرار في الجنة على الأبد مما لا تطلب الأنفس سواه، ولا تتشوق الأرواح إلى ما عداه.
(جزاء بما كانوا يعملون) أي يجزون جزاء بسبب أعمالهم التي عملوها من الطاعات لله، وترك معاصيه في الدنيا ولما كان رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما كما ورد به الحديث حث الله تعالى عليه بقوله:
(ووصينا الإنسان بوالديه حسناً) قرأ الجمهور بضم الحاء وسكون السين وقرىء بفتحهما، وقرىء إحساناً. وقد تقدم في سورة العنكبوت (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً) من غير اختلاف بين القراء، وقد تقدم في سورة الأنعام وسورة بني إسرائيل (وبالوالدين إحساناً) فلعل هذا هو وجه اختلاف القراء هنا، وعلى جميعها فانتصابه على المصدرية، أي وصيناه أن يحسن إليهما حسناً أو إحساناً، وقيل يتضمن وصينا معنى ألزمنا، وقيل على أنه مفعول له والحسن خلاف القبح، والإحسان خلاف الإساءة والتوصية الأمر.


الصفحة التالية
Icon