سورة آل عمران مدنية وهي مائتا آية ١ ٢ آل عمران ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾
﴿الم الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ قد سلف أن مالا تكون من هذه الفواتح مفردةً كصاد وقاف ونون ولا موازِنةً لمفردٍ كحاميم وطاسين وياسين الموازنةِ لقابيلَ وهابيلَ وكطاسين ميم الموازنةِ لداراً بجَرَد حسبما ذكره سيبويهِ في الكتابِ فطريقُ التلفظ بها الحكايةُ فقط ساكنةُ الأعجاز على الوقف سواءٌ جُعلت أسماءً أو مسرودةً على نمط التعديدِ وإن لزِمها التقاءُ الساكنين لما أنه مغتفرٌ في باب الوقف قطعاً فحقُّ هذه الفاتحة أن يوقفَ عليها ثم يُبدأ بما بعدها كما فعله أبُو بكرٍ رضيَ الله عنه روايةٌ عن عاصم وأما ما فيها من الفتح على القراءة المشهورةِ فإنما هي حركةُ همزة الجلالة ألقيت على الميم لتدل على ثبوتها إذ ليس إسقاطها للدرج بل للتخفبف فهي ببقاء حركتها في حكم الثابتِ المبتدَإِ به والميمُ بكون الحركةِ لغيرها في حكم الوقف على السكون دون الحركة كما توهم واعتُرض بأنه غيرُ معهود في الكلام وقيل هي حركةٌ لالتقاء السواكن التي هي الياء والميم ولام الجلالة بعد سقوطِ همزتها وأنت خبير بأن سقوطَها مبنيٌّ على وقوعها في الدرْج وقد عرفت أن سكون الميم وقفى موجبٌ لانقطاعها عما بعدها مستدعٍ لثبات الهمزةِ على حالها لا كما في الحروف والأسماءِ المبنيةِ على السكون فإن حقَّها الاتصالُ بما بعدها وضعاً واستعمالاً فتسقطُ بها همزةُ الوصلِ وتُحرَّك أعجازُها لالتقاء الساكنين ثم إن جُعلت مسرودةً على نمطِ التعديدِ فلا محلَّ لها من الإعرابِ كسائر الفواتح وإن جُعلت اسماً للسورة فمحلُها إما الرفعِ على أنَّها خبرٌ مبتدإٍ محذوف وإما النصبُ على إضمار فعلٍ يليقُ بالمقام ذكر أو اقرأ أو نحوِهما وأما الرفعُ بالابتداء أو النصبُ بتقديرِ فعلِ القسم أو الجرُّ بتقدير حرفِه فلا مساغ لشئ منها لما أن ما بعدها غير صالح للخيرية ولا للإقسامِ عليه فإن الاسم الجليلَ مبتدأٌ وما بعده خبرُه والجملةُ مستأنفة أي هو المستحقُّ للمعبوديةِ لا غير وقوله عز وجل
﴿الحى القيوم﴾ خبرٌ آخرُ له أو لمبتدإٍ محذوفٍ أيْ هُوَ الحي القيومُ لا غيرُه وقيل هو صفةٌ للمبتدأ أو بدلٌ منه أو من الخبر الأول أو هو الخبرُ وما قبلَهُ اعتراضٌ بين المبتدأ مقرِّر لما يُفيده الاسمُ الجليلُ أو حال منه وأياه ما كان فهو كالدليل على اختصاص استحقاقِ المعبودية به سبحانه وتعالى لما مرَّ منْ أنَّ معنى الحى الباقي الذي لا سبيل عليه للموت والفناء ومعنى القيوم الدائمُ القيام بتدبير الخلق وحفظِه ومن ضرورة اختصاصِ ذينك الوصفين به تعالى اختصاصُ استحقاقِ المعبودية به تعالى لاستحالة