أول ما نزل من القرآن
ونتناول أول ما نزل من القرآن الكريم لنتبعه ببحث آخر ما نزل من القرآن، ثم نعيش بين أول ما نزل، وآخر ما نزل فى صحبة «متدبرة» وننعم فيها بأحسن الحديث وخير الذكر.
وسبيلنا فى تحديد تاريخ نزول الآيات الكريمة، وتحديد ما ينزل من آيات كريمة بعد أخرى، إنما هو سبيل النقل الصحيح، والروايات الموثقة مع تدبرها، والجمع بين ما يكون من روايات فى ظاهرها التعارض.
فأما أول ما نزل من القرآن الكريم فأمامنا مجموعة من الأقوال المعتمدة على روايات سأذكرها ثم أرجح ما يكون دليله أقوى؛ فمن هذه الأقوال:
القول الأول: أن أول ما نزل صدر سورة العلق إلى قوله سبحانه: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) ودليل هذا القول الروايات الآتية:
الدليل الأول: ما رواه البخارى ومسلم (واللفظ للبخارى) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصالحة فى النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب له الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه- وهو التعبد- الليالى ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو فى غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ. فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى. فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ. فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فضمنى الثالثة ثم أرسلنى فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) [العلق]» وفى بعض الروايات حتى بلغ «... ما لَمْ يَعْلَمْ (٥). فرجع بها إلى خديجة يرجف فؤاده... » إلى آخر الحديث.
الدليل الثانى: ما صححه الحاكم فى مستدركه والبيهقى فى دلائله عن عائشة أم المؤمنين- أيضا- رضي الله عنها أنها قالت: أول سورة نزلت من القرآن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.


الصفحة التالية
Icon