ليلة نزول القرآن الكريم
بدأ تنزل النور الذى أضاء الله به الأرض وما عليها فى الليلة المباركة، وفى هذا لفت نظر إلى أن هذا التنزيل سيبدد الظلمات بالنور، وسيفرق فيها بين الحق والباطل، وسيقيم الناس على المحجة البيضاء، وكانت الليلة المباركة التى هى خير من ألف شهر.
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥) [القدر]، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) [الدخان]، وكانت الليلة المباركة فى الشهر المبارك شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة: ١٨٥] وشاء الله أن يكون شكر الأمة لله على هذه المنة بنزول القرآن الكريم فى هذا الشهر العظيم أن يصومه المسلمون فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: ١٨٥]، فالصيام فى نهاره، ويقوم المسلمون ليله بهذا الذكر الحكيم، فكان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن فلرسول الله صلّى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
فى مثل هذا الزمن الفاضل كان نزول أولى الآيات القرآنية الكريمة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى غار حراء حيث كان يتحنث فيه الليالى ذوات العدد، فجاءه الملك «... وقال:
اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، قال فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال:
اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطنى الثالثة حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) [العلق]».
وعند ما تكون بداية الوحى أمرا بالقراءة لإمام هذه الأمة ولمن تبعه فإنها بداية موجهة للأمة إلى الوجهة التى شرفها الله بها، وإلى المهمة التى يعدها الله لها، إنها مهمة التعليم والتزكية والتربية والتبليغ والدعوة، بهذه المهمة كانت البعثة: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ