سورة «الفاتحة»
ومع روضة قرآنية كريمة نمتع بها قلوبنا فى كل صلاة، إنها سورة الفاتحة، فاتحة الكتاب. وهى السبع المثانى، وأم القرآن، وأم الكتاب، وقد جاءت السنة الصحيحة بهذه الأسماء، فأما تسميتها بفاتحة الكتاب فقد جاء فى ذلك قول النبى صلّى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وروى الترمذى عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الحمد لله... أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثانى» قال: هذا حديث حسن صحيح، وفى البخارى قال: وسميت أم الكتاب لأنه يبتدأ بكتابتها فى المصاحف ونبدأ بقراءتها فى الصلاة. وقال يحيى بن يعمر: أم القرى: مكة، وأم خراسان: مرد، وأم القرآن: سورة الحمد، وعلى ذلك يكون الفهم الصحيح لمعنى تسميتها بفاتحة الكتاب، وليس المراد إذن بصفة الفتح للكتاب أنها أول الكتاب الكريم نزولا، فهذا رأى ضعيف يعتمد على حديث منقطع لا يقوى فى الاحتجاج به، وقد ذكر هذا الحديث البيهقى فى دلائل النبوة عن أبى ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لخديجة: «إنى إذا خلوت وحدى سمعت نداء وقد- والله- خشيت أن يكون هذا أمرا»، قالت: معاذ الله، ما كان الله ليفعل بك، فوالله إنك لتؤدى الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث. فلما دخل أبو بكر- وليس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثمّ (أى هناك) ذكرت خديجة حديثا له، قالت: يا عتق، اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده، فقال: انطلق بنا إلى ورقة، فقال:
«ومن أخبرك»، قال: خديجة، فانطلقنا إليه فقصا عليه، فقال: «إذا خلوت وحدى سمعت نداء خلفى يا محمد يا محمد، فأنطلق هاربا فى الأرض»، فقال: لا تفعل، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتنى فأخبرنى، فلما خلا ناداه: يا محمد، قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) حتى بلغ وَلَا الضَّالِّينَ (٧) [الفاتحة] قل: لا إله إلا الله.
فأتى ورقة فذكر ذلك له، فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر، فأنا أشهد أنك الذى بشر به عيسى ابن مريم، وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبى مرسل، وأنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، وإن يدركنى ذلك لأجاهدنّ معك، فلما توفى ورقة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لقد رأيت القس فى الجنة عليه ثياب الحرير لأنه أحسن بى


الصفحة التالية
Icon