سورة «الفلق» و «الناس»
سورة «الفلق» نزلت بعد سورة الفيل، ونزل مع سورة الفلق سورة «الناس»، فهما نزلتا معا كما فى الدلائل للبيهقى فلذلك قرنتا، مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوّذتين، ومن الافتتاح «بقل أعوذ» وهما كما ذكرنا مكيتان غير أن ابن كثير يذكر فى تفسيره أنهما مدنيتان.
وروى مسلم فى صحيحه حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط «قل أعوذ برب الفلق» و «قل أعوذ برب الناس» وهذه الرواية من حديث قتيبة عن جابر عن بيان عن قيس بن أبى حازم عن عقبة. ورواه أحمد ومسلم- أيضا- والترمذى والنسائى من حديث إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم عن عقبة به، وقال الترمذى: حسن صحيح.
وقال النسائى: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر، وسمعت النعمان عن زياد بن الأسد عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين «قل أعوذ برب الفلق» و «قل أعوذ برب الناس». وقال النسائى- كذلك-:
أخبرنا محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبى عبد الله بن عابس الجهنى أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال له: «يا ابن عابس ألا أدلّك- أو ألا أخبرك- بأفضل ما يتعوّذ به المتعوّذون؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «قل أعوذ برب الفلق- وقل أعوذ برب الناس، هاتان السورتان» كما قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل، حدثنا الجريرى عن أبى العلاء قال: قال:
رجل: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سفر والناس يعتقبون، وفى الظّهر قلة [أى ما يركب قليل] «١» فحانت نزلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونزلت فلحقنى فضرب منكبى فقال: «قل أعوذ برب الفلق» فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأتها معه، ثم قال: «قل أعوذ برب الناس» فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأتها معه فقال: «إذا صلّيت فاقرأ بهما» يقول ابن كثير رحمه الله: الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر، والله أعلم.

(١) هذا شرح من عندى وليس فى النص، انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٥٧١، ٥٧٢، وأسرار ترتيب القرآن ١٦١.


الصفحة التالية
Icon