سورة «الإخلاص»
تعدل ثلث القرآن كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤).
والسورة الكريمة نزلت بعد عطاء قرآنى متتابع يحسم الأمر فى سورة «الكافرون» للتفريق بين عبادة الله وعبادة غيره ولا مساومة فى ذلك، وبعد التذكير بفضل الله الذى نجّى الناس من كيد أصحاب الفيل، وهو الذى ينجى وحده من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات فى العقد ومن شر حاسد إذا حسد، وهو الذى يلجأ إليه وحده، لينجى من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنّة والناس، فهو ربّهم وملكهم وإلههم- سبحانه- وتنزل السورة الكريمة لتعيد الناس إلى الصواب فى وصفهم لله سبحانه ولتنقذهم من الشرك والتوجه إلى غيره سبحانه، وتنزهه مما ادّعاه الضالون تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
فالسورة الكريمة مكية نزلت بعد سورة الناس، وهذا فى قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر. ولكن فى أحد قولى ابن عباس وقتادة والضحاك والسّدى مدنية.
وجاء فى سبب نزول السورة الكريمة ما ذكره القرطبى رحمه الله ردّا على من أسقط من السورة «قل هو» وزعم أنه ليس من القرآن»، وغير لفظ «أحد» إلى «واحد» فقال: وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه، وجعل النار مقامه ومثواه، وقرأ «الله الواحد الصمد» فى الصلاة، والناس يستمعون فأسقط: «قل هو»، وزعم أنه ليس من القرآن. وغيّر لفظ «أحد» وادّعى أن هذا هو الصواب، والذى عليه الناس هو الباطل والمحال، فأبطل معنى الآية، لأن أهل التفسير قالوا: نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لمّا قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: صف لنا ربّك، أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر؟ فقال الله عز وجل ردا عليهم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) ففي «هو» دلالة على موضع الردّ ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، وصحّ الافتراء على الله عز وجل، والتكذيب لرسوله صلّى الله عليه وسلم. وروى الترمذى عن أبىّ بن كعب: أن المشركين