﴿وعدوكم﴾ وعن النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم مَنْ رابط يوماً وليلةً في سبيل اللَّهِ كان كعَدْل صيامِ شهرِ رمضانَ وقيامه ولا يُفطِرُ ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة
﴿واتقوا الله﴾ في مخالفة أمرِه على الإطلاق فيندرجُ فيه ما ذكر في تضاعيفِ السورةِ الكريمةِ اندراجاً أولياً
﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ كي تنتظِموا في زُمرة المفلحين الفائزينَ بكلِّ مطلوبٍ الناجينَ من كل الكروب عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورةَ آلِ عِمرانَ أعطيَ بكل آيةٍ منها أماناً على جسر جهنم وعنه ﷺ من قرأ السورةَ التي يُذكر فيها آلُ عمرانَ يوم الجمعة صلى عليه وملائكتُه حتى تُحجَبَ الشَّمسُ والله أعلم
سورة النساء مدنية وهي مائة وست وسبعون آية
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم﴾
﴿يا أَيُّهَا الناس﴾ خطابٌ يعمُّ حكمُه جميعَ المكلفين عند النزولِ ومَنْ سينتظِمُ في سلكهم من الموجودين حينئذٍ والحادثين بعدَ ذلك إلى يوم القيامةِ عند انتظامِهم فيه لكنْ لا بطريق الحقيقةِ فإن خطابَ المشافهةِ لا يتناول القاصرين عن درجة التكليفِ إلا عند الحنابلةِ بل إما بطريق تغليبِ الفريقِ الأولِ على الأخيرين وإما بطريق تعميمِ حُكمِه لهما بدليل خارجيَ فإن الإجماعَ منعقدٌ على أن آخِرَ الأمةِ مكلفٌ بما كُلّف به أولها كما ينبئ عنه قولُه عليه السلام الحلالُ ما جرى على لساني إلى يوم القيامة والحرامُ ما جرى على لساني إلى يوم القيامة وقد فُصل في موضعه وأما الأممُ الدارجةُ قبل النزول فلاحظ لهم في الخطاب لاختصاص الأوامرِ والنواهي بمن يُتصوَّر منه الامتثالُ وأما اندراجُهم في خطاب ما عداهما مما له دخلٌ في تأكيد التكليفِ وتقويةِ الإيجابِ فستعرِفُ حالَه ولفظُ النَّاسِ ينتظمُ الذكورَ والإناثَ حقيقةً وأما صيغةُ جمعِ المذكرِ في قوله تعالى
﴿اتقوا رَبَّكُمُ﴾ فواردةٌ على طريقة التغليب لعدم تناولِها حقيقةً للإناث عند غيرِ الحنابلة وأما إدخالهن في الأمر بالتقوى بما ذُكر من الدليل الخارجيِّ وإن كان فيه مراعاةُ جانبِ الصيغةِ لكنه يستدعي تخصيصَ لفظِ النَّاسِ ببعض أفرادِه والمأمورُ به إما مطلقُ التقوى التي هي التجنبُ عن كلِّ ما يُؤثِمَ من فعلٍ أو تركٍ وإما التقوى فيما يتعلق بحقوق أبناءِ الجنسِ أي اتقوه في مخالفة أوامره ونواهيه على الإطلاقِ أو في مخالفة تكاليفه الواردة ههنا وأيًّا ما كان فالتعرضُ لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكيةِ والتربيةِ مع الإضافةِ إلى ضميرِ المخاطبينَ لتأييدِ الأمرِ وتأكيدِ إيجابِ الامتثالِ به على طريقة الترغيبِ


الصفحة التالية
Icon