تمهيد:
الإسلام والعلوم
ما دمنا سنتكلم عن بعض علوم الدين عند المسلمين، فإن هذا يقتضينا أن نقدم بكلمة موجزة عن نظرة الإسلام إلى العلم بكل أنواعه وموضوعاته، لا سيما بعد أن ألقى على موقف الإسلام من العلم شىء من الظلال، ولا سيما فى العصور المتأخرة، وعند بعض الغربيين. متأثرين بفكرتهم عن المسيحية وموقفها العدائى- فى بعض العصور- من العلوم.
فالعلم فى نظر الإسلام: هو كل ما يمكن ويطلب أن يعرف ويعلم، مهما يكن موضوع هذه المعرفة، ومهما تكن وسائلها، وإن كان فى مقدمة هذه الموضوعات ما يعرفه بربه- عقيدة ونظاما- ويقربه إليه.. باعتبار أن ذلك هو مفتاح الحياة الحقيقية الهادفة للإنسان، ومفتاح الانطلاق فى كل جانب من جوانبها على هدى وبصيرة.
فحين مدح الله العلماء ورفع درجاتهم لم يخصص العلماء بعلوم الدين، بل أطلق وعمم فقال: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ (١). وحين قارن بين العلماء والجهال أطلق وعمم كذلك.. فقال:
هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٢) وحين حدد الذين يخشونه ويعرفونه قال: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (٣) وقد جاء هذا عقب آيات تلفت الأنظار إلى التأمل والتدبر فيما خلقه الله من ماء وثمرات ودواب وجبال وإنسان الخ.. ليصل المتأمل إلى الإيمان بالله وعظمته مما يميل بمفهوم العلماء هنا إلى العلماء الباحثين المتدبرين فى هذه المخلوقات مما يطلق عليه الآن علوم الفضاء والجو، وعلم النبات، والحيوان، والجيولوجيا.. الخ.. لأن هؤلاء أكثر اطلاعا على أسرار الكون وعظمة صنع الخالق..
(٢) الزمر/ ٩.
(٣) فاطر/ ٢٨.