بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذى اصطفى من عباده حملة كتابه، وأثنى عليهم من فوق سماواته، القائل فى كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر: ٢٩]، وأوجب عليهم تجويد القرآن، قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: ٤]، وبفضله وفقهم للمداومة على تعلّمه وتعليمه ومنّ عليهم بلذيذ شرابه وجعلهم من خواص أحبابه.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لله أهلين من الناس» قيل: من هم يا رسول الله؟. قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» (١)، فالله تعالى خص حفظة كتابه بمزايا بين العباد؛ فضلهم على غيرهم بحفظه فصانوه من كل تحريف وتبديل وتقديم وتأخير وزيادة ونقص، وفرقوا بين المفخم والمرقق، والممدود والمقصور، والمدغم والمظهر.
فطوبى لمن ألهم حق تلاوته وجعله قائدا له، وصدق عليه قول الله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة: ٢١]. ويزداد المؤمن شرفا ورفعة كلما كان قائما على تعلّم القرآن وتعليم أحكام تجويده وسهل الله له طرق تدريسه ويسر له عسيره.
وأفضل ما يرطب به العبد لسانه ويصون به جوارحه ويعمر به قلبه وجوارحه وفؤاده ذكر الله؛ لقول الله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: ٢٨].
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الذى كان خير معلم للناس كافة، ووضع وسام الشرف على صدر كل من شغل بالقرآن تعلّما وتعليما. عن عثمان بن عفان قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (٢).
ورضى الله تعالى عن الصحابة والتابعين الأجلاء، الذين نقلوا لنا القرآن عذبا

(١) النسائى فى الكبرى فى فضائل القرآن (٨٠٣١)، والحاكم فى المستدرك ١/ ٥٥٦.
(٢) البخارى فى فضائل القرآن (٥٠٢٧)، وأبو داود فى الصلاة (١٤٥٢).


الصفحة التالية
Icon