الإمام سفيان الثورى وتفسيره
ولد سنة سبع وتسعين، وخرج من الكوفة إلى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة وتوفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة.
وكان عالم هذه الأمة وعابدها وزاهدها.
وكان لا يعلم أحدا العلم حتى يتعلم الأدب ولو عشرين سنة.
وامتنع مرة من الجلوس للعلم، فقيل له فى ذلك، فقال:
والله لو علمت أنهم يريدون بالعلم وجه الله لأتيتهم فى بيوتهم وعلمتهم، ولكن إنما يريدون به المباهاة، وقولهم حدثنا سفيان.
وكان إذا جلس للعلم وأعجبه منطقه يقطع الكلام ويقوم ويقول:
أخذنا ونحن لا نشعر: وهذه منزلة فى الأخلاق ومحاسبة النفس تعز على من رامها وتطول.
برز سفيان فى الحديث حتى وصل إلى أعلى مراتبه فكان: أمير المؤمنين فى الحديث- وكما أن للمؤمنين أميرا فى مسائل الدنيا فان للمحدثين أمراء وكان منهم سفيان.
كان أبوه من ثقات المحدثين، وكان من غير شك أول من لقن سفيان العلم، فنشأ سفيان- دون اختيار منه- بين كتب الحديث، وتفتحت عيناه على جو من العلم يتسم بعبير النبوة وتسوده جوامع الكلام، واتجه آليا فى دراسته وجهة أبيه، وفى ذلك يقول هو:
(طلبت العلم فلم تكن لى نية ثم رزقنى الله النية).
أى أنه طلب العلم أولا بحكم العادة البحتة، ثم وفقه الله سبحانه لأنه يقصد به وجه الله.


الصفحة التالية
Icon