فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ بِـ "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" (١).
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" وَ"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَقْرَأُ بِهِمَا (٢).
وَلِجَوَازِ الْجُمُعَةِ خَمْسُ شَرَائِطَ: الْوَقْتُ وَهُوَ: وَقْتُ الظُّهْرِ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَالْعَدَدُ وَالْإِمَامُ وَالْخُطْبَةُ وَدَارُ الْإِقَامَةِ فَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ يَجِبُ أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا..
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الْعَدَدِ، وَهُوَ عَدَدُ الْأَرْبَعِينَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَوِ اجْتَمَعُوا وَخَطَبَ بِهِمْ ثُمَّ انْفَضُّوا قَبْلَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ أَوِ انْتُقِصَ وَاحِدٌ مِنَ الْعَدَدِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْجُمُعَةَ، بَلْ يُصَلِّيَ الظَّهْرَ، وَلَوِ افْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ ثُمَّ انْفَضُّوا فَأَصَحُّ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ بَقَاءَ الْأَرْبَعِينَ شَرْطٌ إِلَى آخَرِ الصَّلَاةِ، [كَمَا أَنَّ بَقَاءَ الْوَقْتِ شَرْطٌ إِلَى آخَرِ الصَّلَاةِ] (٣) فَلَوِ انْتُقِصَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ يَجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ أَنْ يُصَلُّوهَا أَرْبَعًا. وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً. وَقِيلَ: إِنْ بَقِيَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَعِنْدَ الْمُزَنِيِّ إِذَا نَقَصُوا بَعْدَ مَا صَلَّى الْإِمَامُ بِهِمْ رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ بَقِيَ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى يُتِمُّهَا أَرْبَعًا وَإِنِ انْتُقِصَ مِنَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَدَدِ الَّذِي شَرَطَهُ كَالْمَسْبُوقِ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا..
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ أَيْ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالثَّبَاتِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ لِأَنَّهُ مُوجِدُ الأرزاق فإياه فاسئلوا وَمِنْهُ فَاطْلُبُوا.
(٢) أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما جاء في القراءة في العيدين: ٣ / ٧٦ وقال "حديث النعمان بن بشير حديث حسن صحيح"، ومسلم في الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة برقم: (٨٧٨) ٢ / ٥٩٨، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٢٧١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ مَدَنِيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) ﴾
﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بن سَلُولَ وَأَصْحَابَهُ، ﴿قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ لِأَنَّهُمْ أَضْمَرُوا خِلَافَ مَا أَظْهَرُوا. ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ سُتْرَةً، ﴿فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ مَنَعُوا النَّاسَ عَنِ الْجِهَادِ وَالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا﴾ أَقَرُّوا بِاللِّسَانِ إِذَا رَأَوْا الْمُؤْمِنِينَ، ﴿ثُمَّ كَفَرُوا﴾ إِذَا خَلَوْا إِلَى الْمُشْرِكِينَ، ﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ بِالْكَفْرِ، ﴿فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ﴾ ١٦٥/ب الْإِيمَانَ. ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ يَعْنِي أَنَّ لَهُمْ أَجْسَامًا وَمَنَاظِرَ، ﴿وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ فَتَحَسَبُ أَنَّهُ صِدْقٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَسِيمًا فَصِيحًا ذَلِقَ