المدود
مد الصوت هو إطالته زمنا أطول مما اعتدنا أن نمده به في كلامنا اليومي العادي، ومن أمثلة مد الصوت غير الاعتيادي ما يفعله البائع المتجول بصوته حين يعلن عن سلعته. وحين تنادي علي من يهمك أن يسمعك إن كان بعيدا عنك بمسافة طويلة، فإنك لا تناديه بذات الطريقة التي تناديه بها حين يكون بجوارك بل تمد ما تجده في اسمه من حروف المد، فإن لم يكن باسمه شىء منها، أطلت حركة حرف من الحروف الأخيرة من اسمه بمد تختلقه اختلاقا، كما لو ناديت من اسمه (أحمد) مثلا فإنك قد تمد اسمه هكذا (أحماااااااد... ).
كذلك يفعل من هاجمه بالطريق لص فاستلبه شيئا ثمينا وجرى، فإنه يصيح (حرامى). وانظر إلي الفرق بين طالب يراجع قصيدة من الشعر على عجل من أمره ليلة الامتحان، وبين شاعر يلقيها فيمد المدود مدا، ويمط أزمنتها مطا.
أو الفرق بين خطيب يلقي خطبة يريد أن يستحوذ بها على وجدان السامعين وبين مذيع يقرأ نشرة للأخبار. وكذلك الفرق بين طول المدود عند قولك في صلاتك (الله أكبر) أو (أشهد ألا إله إلا الله) وبين طول المدود فى نفس العبارتين حين يرفع المؤذن صوته بالأذان.
هذا المد بالصوت له تأثير قوى على المتلقي أو السامع ويتضح ذلك من الأمثلة التي سقناها آنفا، فكل من استخدم المد من هؤلاء الأشخاص كان حريصا على جذب انتباه السامع بصورة تفوق انتباهه للأمور الاعتيادية. وللمد بالصوت أشكال متعددة، ومدد زمنية متفاوتة، وهو ظاهرة طبيعية لدي البشر علي اختلاف أجناسهم وعصورهم. بل هو موجود حتى بين الطيور والحيوانات بشتى أجناسها فنراها تتخذ المد بالصوت لغة لها دلالتها فيما بينها وبين باقي أفراد جنسها ومن ذلك مثلا صياح الديك، وزئير الأسد وغير ذلك من الأصوات.


الصفحة التالية
Icon