بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدّمة المؤلف
حدّثنا الشيخ الإمام العالم الأوحد، شيخ الإسلام، وحبر الأمة، قدوة الأئمة، سيد العلماء؛ جمال الدين أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه.
قال: الحمد لله على التوفيق، والشّكر لله على التّحقيق، وأشهد أن لا إله إلا هو شهادة سالك من الدليل أوضح طريق، ومنزّه له عما لا يجوز ولا يليق.
وصلّى الله على أشرف فصيح، وأطرف منطيق، محمد أرفق نبي بأمته وألطف شفيق، وعلى أصحابه، وأزواجه وأتباعه إلى يوم الجمع والتفريق، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن نفع العلم بدرايته لا بوراثته، وبمعرفة أغواره لا بروايته، وأصل الفساد الداخل على عموم العلماء تقليد سابقيهم، وتسليم الأمر إلى معظّميهم، من غير بحث عما صنّفوه، ولا طلب للدليل عما ألّفوه. وإني رأيت كثيرا من المتقدمين على كتاب الله عزّ وجلّ بآرائهم الفاسدة، وقد دسّوا في تصانيفهم للتفسير أحاديث باطلة، وتبعهم على ذلك مقلّدوهم، فشاع ذلك وانتشر، فرأيت العناية بتهذيب علم الأغاليط من اللازم.
وقد ألّفت كتابا كبيرا سميته: «بالمغني في التفسير» يكفي عن جنسه، وألّفت كتابا متوسط الحجم مقنعا في ذلك العلم، سمّيته: «زاد المسير». وجمعت كتابا دونه سمّيته «بتيسير التبيان في علم القرآن» واخترت فيه الأصوب من الأقوال، ليصلح للحفظ، واختصرته «بتذكرة الأريب في تفسير الغريب»، وأرجو أن تغني هذه المجموعات عن كتب التفسير، مع كونها مهذّبة عن خللها، سليمة من زللها.

فصل


ثم إني رأيت الذين وقع منهم التفسير صحيحا قد صدر عنهم ما هو أفظع، فآلمني؛ وهو الكلام في الناسخ والمنسوخ، فإنهم أقدموا على هذا العلم فتكلّموا


الصفحة التالية
Icon