لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ [الفتح: ٢] كيف وقد قال عزّ وجلّ: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ [الحاقة: ٤٤]. وقال: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: ٦٥] وقال: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ [الإسراء: ٧٥] وإنما هذا وأمثاله في بيان آثار المعاصي وليس من ضرورة ما علق بشرط أن يقع.
ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ [يونس: ٤١].
روى أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نسختها آية السيف، وهذا بعيد من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه لا يصح عن ابن عباس.
والثاني: أنه ليس بين الآيتين تناف، والمنسوخ لا يصح اجتماعه مع الناسخ.
والثالث: أنه لا يصح أن يدعي نسخ هذه الآية، بل إن قيل مفهومها منسوخ عندهم، فقل لي عملي، واقتصر على ذلك ولا تقاتلهم، وليس الأمر كذلك إنما معنى الآية: لي جزاء عملي، فإن كنت كاذبا فوباله عليّ، ولكم جزاء عملكم في تكذيبكم لي، وفائدة هذا لا يمنع من قتالهم وهو أقرب إلى ما يفهم منها فلا وجه للنسخ.
ذكر الآية الثالثة
: قوله تعالى: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ [يونس: ٤٦].
زعم بعضهم: أنها منسوخة بآية السيف، فكأنه ظن أن معناها: اترك قتالهم، فربما رأيت بعض الذي نعدهم، وليس هذا شيء.
ذكر الآية الرابعة
: قوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: ٩٩].
زعم قوم منهم مقاتل بن سليمان أنها منسوخة بآية السيف، والصحيح أنها محكمة وبيان ذلك أن الإيمان لا يصح مع الإكراه، لأنه من أعمال القلب، وإنما يتصور الإكراه على النطق لا على العقل (١).
ذكر الآية الخامسة
: قوله تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [يونس: ١٠٨].

(١) وانظر «صفوة الراسخ» (ص ١١١).


الصفحة التالية
Icon