تناف؟ فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتّقى، ثم هما خبران والأخبار لا تنسخ.
ذكر الآية الرابعة
: قوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم: ٧٥].
وزعم ذلك الجاهل أنها منسوخة بآية السيف، وهذا باطل. قال الزجاج: هذه الآية لفظها لفظ أمر، ومعناها الخبر، والمعنى: إن الله تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، وعلى هذا لا وجه للنسخ.
ذكر الآية الخامسة
: قوله تعالى: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا [مريم: ٨٤].
زعم بعض المفسرين وأنها منسوخة بآية السيف. وهذا ليس بصحيح، لأنه إن كان المعنى لا تعجل بطلب عذابهم الذي يكون في الآخرة، فإن المعنى أن أعمارهم سريعة الفناء، فلا وجه للنسخ. وإن كان المعنى؛ لا تعجل بطلب قتالهم، فإن هذه السورة نزلت بمكة ولم يؤمر حينئذ بالقتال، فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال واقع في موضعه، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة، فكيف يتوجه النسخ؟
فسبحان من قدّر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن، يدّعون نسخ ما ليس بمنسوخ، وكل ذلك من سوء الفهم، نعوذ بالله منه.
... الباب الرابع والعشرون باب ذكر الآيات اللواتي ادّعي عليهن النسخ في سورة طه
ذكر الآية الأولى
: قوله تعالى: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ [طه: ١٣٠].
قال جماعة من المفسرين، معناها: فاصبر على ما تسمع من أذاهم، ثم نسخت بآية السيف (١).