الجزء الأول
[مقدمات التحقيق]
[مقدمة المحقق]
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذى أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا، وجعله قيما لا عوج فيه مستقيما، ودعا إلى اتباعه، والسير على منهاجه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء: ٨٢].
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وعلم الأمة القرآن، وقال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد:
فالقراءات من أجل العلوم قدرا، وأعلاها شرفا وذكرا، وأعظمها أجرا، وأسناها منقبة، إذ هى تتعلق بكتاب الله تعالى الذى لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: ٤٢]. وبعد:
لما دخل العجم فى الإسلام رأى جماعة من القراء أن يتجردوا للاعتناء بهذه القراءات وضبطها، حتى يستطيع العجمى قراءة القرآن قراءة صحيحة، وحتى لا تتأثر قراءة القرآن باللكنة العجمية، ومن ثم عنى المسلمون منذ مطلع القرن الثالث الهجرى حتى الآن بتدوين العلوم وجمع مسائلها وترتيب أبوابها، واتسعت دائرة اهتمامهم العلمى لتشمل إلى جانب العلوم الدينية العلوم العقلية وكان من بين هذه العلوم:
علم القراءات:
فالقراءات: جمع قراءة، وهى فى اللغة: مصدر سماعى ل «قرأ»، وفي الاصطلاح:
مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفا به غيره فى النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة فى نطق الحروف أم فى نطق هيئتها.
ونستطيع أن نقول: إن الدافع وراء اهتمام المسلمين بهذا العلم والتصنيف فيه خشية جماعة القراء من أن تتأثر قراءة القرآن باللكنة الأعجمية لا سيما بعد دخول الفرس فى الإسلام أفواجا، ومن ثم اهتم هؤلاء بضبط القراءات القرآنية وجعلوها علما كسائر العلوم.
وبرز فى علم القراءات رجال كثيرون، من أشهرهم:
١ - عبد الله بن عامر بدمشق، توفى ١١٨ هـ.
٢ - عبد الله بن كثير بمكة، توفى: ١٢٠ هـ.
٣ - أبو بكر عاصم بن أبى النجود بالكوفة، توفى ١٢٨ هـ.